لنهتف معاً: يا للهول!!

واضح، من أقوال واقتراحات، بعض أعضاء مجلس الأمة، أنهم لا يؤمنون بأهمية الأخلاق والتربية ولا بضرورة التحصيل العلمي.. وتصبح المسألة أكثر إثارة للقلق عندما يكون وراء رفض أهمية تحلي عضو مجلس الأمة بالأخلاق الحميدة والتربية السليمة وخلو سجله العدلي من أي أحكام تتعلق بجرائم الأمانة والشرف، يكون وراءها نواب يدعون ليل نهار إلى الفضائل الدينية و«إصلاح المجتمع». وتتحول المسألة برمتها إلى مأساة عندما يكون هؤلاء النواب من عظام رقبة حزب الإخوان المسلمين، وممثلي الحزب في مجلس النواب، ونعني بذلك النائبين «الفاضلين»، أسامة الشاهين ومحمد الدلال. فقد تقدما باقتراح إلى مجلس الأمة يتعلق بتعديل أحكام قانون الانتخابات رقم 35/1962، بحيث يتم إلغاء شرط عدم الحكم على المرشح للانتخاب بجريمة مخلة بالشرف والأمانة! ونصيح مع يوسف وهبي: «يا للهول»!

***

وفي تبرير شاذ وغير منطقي لمقترحهما، ذكرا بأن طلبهما السماح لمن حكم عليه بجرائم مخلة بالشرف والأمانة لأن يترشح لمجلس الأمة، ويصبح ممثلاً لها ومشرعاً للقوانين ومراقباً لأعمال السلطة التنفيذية، يتعلق «أساساً» برغبتهما معالجة سلبيات تطبيق القانون الحالي، و........ إنجاح العملية الانتخابية! وهذا يعني أن القانون الحالي، الذي يمنع من صدرت ضده أحكام مخلة بالشرف والأمانة، كما هو متبع في كل دساتير وقوانين الانتخاب في العالم، غير صالح، ولا يسمح لمن صدرت عليه أحكام مخلة بالشرف والأمانة ضدهم بالترشح، وأن المنع «يفشّل» العملية الانتخابية!

***

كتبت هذا المقال يوم الثلاثاء، لينشر اليوم، وربما قام النائبان «الفاضلان» أثناء ذلك بالتراجع عن اقتراحهما، أو لم يفعلا، وهذا لن يغير من حقيقة أن مجرد تفكير أي إنسان سوي بمثل هذا الاقتراح، دع عنك الدعوة إليه، ومشاركة آخر فيه، يعتبر سقطة «أخلاقسياسية» غير مسبوقة، ولا يعفيهم سحبه من المسؤولية. فالحياء السياسي كان يتطلب من أحدهما، أو كليهما، التفكير في تبعات قيام مرشح محكوم عليه بجريمتَي الإخلال بالشرف والأمانة لينافس مرشحاً آخر لا حكم عليه، ومعروف عنه تحليه بفضائل الشرف والأمانة والنزاهة، مع احتمال نجاح الأول، وسقوط الثاني، وهذا بالضبط ما يهدفان له، فهذا المقترح لم يقدم إلا من أجل سواد عيون جماعتهم! وبالتالي نضع مقالنا عن هذا الاقتراح المشبوه، الذي بيَّن حقيقة ما في النفوس، نضعه بتصرف كل صاحب ضمير وعقل، وخاصة ناخبي منطقتي انتخاب النائبين «الفاضلين»، اللذين كنا وغيرنا سنقف معهما لو كان مقترحهما متعلقاً بضرورة التشديد على قضايا تحلي المرشح بالأمانة والشرف. أو لو كان التعديل متعلقاً بضرورة حمل المرشح لشهادة دراسية لا تقل عن الثانوية العامة مثلاً، بدلاً من شرط معرفة القراءة والكتابة، الحالي، وهذا لم يحصل، وبالتالي ليس لنا أن نقول لهما، باللبناني: «يا عيب الشوم عليكم!».

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top