كلام في ملامح العهد الجديد

يجب الاعتراف أولاً بأننا لسنا ولم نكن يوماً دولة ديموقراطية بالمعنى المفهوم، بل دولة تتمتع بنظام تعايش معقول بين الشعب وأسرة الحكم، ومن دون نظام التعايش هذا فإن الخراب هو المآل النهائي. قد يميل البعض الى مثل هذا التوصيف، وقد يصفه البعض الآخر بالمخل في سذاجته، ولكن هذا هو الواقع. ففي ذروة أحداث الربيع العربي، واهتزاز الوضع العام، كان بإمكان السلطة، كما هو الحال دائما، التدخل وحل البرلمان، وفرض الأحكام العرفية، والزج بمن لا ترغب في غياهب السجون، ولكن شيئا من هذا لم يحدث، بل اختارت السلطة معالجة الوضع في حينه بأقصى درجات الحكمة والهدوء، ضمن ما كان متاحا ولا يزال من وسائل قانونية، وكانت النتيجة أن نال البعض حقه من الأحكام، وظلم البعض الآخر، وشعر آخرون بأن عليهم الانكفاء، وآثر فريق رابع الخروج واللجوء الى دولة أخرى.. إلى حين. وبالتالي ليس أمامنا، كشعب، من خيار غير قبول هذا العقد الاجتماعي الذي ارتضيناه منذ سنين طويلة، ولو على مضض، والذي توج بدستور 1962، أو رفض هذا العقد وإحراق البلاد، كما فعلت شعوب أخرى، وندمت على ما فعلت.. أشد الندم!

***

لا أعتقد أن هناك عاقلاً يرفض هذا السيناريو أو الوضع الحالي، بكل ما يخالط هذا القبول من تمن ورغبة قوية في أن نكون في وضع أفضل، كأية دولة ديموقراطية غربية يتم فيها تداول السلطة، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدرك، كما ليس في إمكاننا الجزم بأن وضعنا حينها سيكون أفضل، في ظل كل هذا التشرذم الذي نعيشه وهذا الخلل السكاني، والوضع الاقتصادي الصعب وكل هذا الاستقطاب القبلي والطائفي، زد على ذلك تخلفنا العلمي والثقافي، وفشلنا المدمر طوال ستين عاما في خلق مواطن صالح، من دون الحاجة للعودة والسؤال عمن كان السبب وراء ذلك، فالسلطة التي نجحت في تخريب الكثيرين، كما يحب أن يدعي البعض، فشلت في تخريب غيرهم.

***

تبيّن من محتوى الكلمات التي تبودلت بين سمو ولي العهد ورئيسي مجلس الأمة ومجلس الوزراء، إثر انتهاء التصويت على ولي العهد، اتضح شيء من ملامح العهد الجديد، والطريقة التي ستدار بها الأمور. وبالتالي من الأفضل لنا جميعا عدم الاكتفاء بالتمني بل والمطالبة بقوة بضرورة التمسك بالدستور وتطبيق القانون على الجميع، فهذا أفضل لـ«للطرفين»، الشعب والأسرة، من كل أشكال ديموقراطيات مناطقنا.

***

ملاحظة: لست مع تقديم العرائض والكتب للجهات العليا، مع كامل الاحترام لمقدميها. فعلاج غالبية، إن لم يكن كل، مشاكل وقضايا الدولة، موجود في أدراج «المجلس الأعلى للتخطيط»، الذي يضم مجلس إدارته بعضاً من أفضل وأنظف العقول في الدولة، وما عليكم من عريضة «عبيد وعبدالله»!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top