النائب المائي وغير المرئي
ينقسم نواب مجلس الأمة إلى ثلاث فئات: قلة قليلة صادقة وجادة تعمل بكل قواها لما نذرت نفسها من أجله أو اختيرت للقيام به. وقلة لا بأس بعددها تتكلم وتشارك في أعمال اللجان، وتنشط خارج المجلس، وتخدم ناخبي منطقتها، وعينها على أصواتهم، لكن عليها الكثير من المآخذ، ولا ترفض الإثراء، وإن كان غير مشروع، لكن عملها يتسم غالباً بالتحفظ! أما الفئة الأخيرة فهي قلة وتشتهر بصمتها، فلا تشارك في أي نقاش، ولا تتكلم لعدم امتلاكها للحدود الدنيا من الفصاحة أو الطلاقة اللغوية، ولا أدري كيف اقتنع آلاف الناخبين بهؤلاء ممثلين عنهم، فهم لا يمتلكون حتى نصف مقومات النائب، ولا دور لهم تقريبا في التصويت على الاستجوابات، وعندما يظهر اسم أحدهم مع أي اقتراح، إن ظهر، ترتفع علامات الاستفهام والتساؤل عمن يكون، وهل هو بالفعل نائب في مجلس الأمة، أم أن هناك خطأ مطبعياً! وأجزم أن هناك نواباً لم تسمع غالبية الشعب بأسمائهم، حتى بعد مرور أربع سنوات على كونهم نواباً أو نوائب!!
*****
السؤال: كيف نجح أفراد الفئة الأخيرة في الانتخابات الماضية، وكان لهم حضور في كل البرلمانات السابقة منذ ستينيات القرن الماضي؟ للإجابة على هذا السؤال يتطلب الأمر أولاً توضيح أن النجاح في أي انتخابات، وفي أي دولة في العالم، يتطلب واحداً، أو بعضاً، أو كل الأمور التالية: 1 - قدرة مالية كبيرة، مع سمعة جيدة. 2 - معرفة قانونية وتجربة حياتية، وقدرة على الخطابة والإقناع، وكسب ثقة ناخبي منطقته. 3 - تعهد بالتفرغ لخدمة أهالي المنطقة وتخليص معاملاتهم. وفي ظل غياب نظام الأحزاب، فإن كل من يمتلك القدرات والإمكانيات أعلاه لديه فرص أكبر من غيره في الفوز بالمقعد النيابي. ويبقى السؤال: لماذا نجد دائماً وفي كل المجالس، نائباً أو نواباً لا لون ولا صوت ولا طعم لهم؟! الجواب كان وسيبقى لدى الحكومة، فهؤلاء ما كان يمكن تخيُّل فوزهم من دون دعمها، ولهذا نتمنى على قواها، أو من يمثلها على الساحة وقف مثل الأمور، والتعهد بعدم تمرير معاملات ناخبي هؤلاء، فوجود أمثالهم في المجلس مخرب، ولا ينفع أي جهة غير الأفراد الذين انتخبوا هذا النائب الصامت، ومن استفاد من تصويته في المجلس، وغير ذلك فإن وجوده يمثل خراباً وإفساداً كاملين للحياة النيابية ولأسس العدالة داخل المجلس وخارجه! ملاحظة: دار لغط شديد مؤخراً حول نائب يفتقد أبسط مقومات النيابية، بل لديه فائض من عكس ذلك، قام في «ليلة وطنية حزينة» بالاجتماع، وتالياً بالاعتداء ضرباً على فتاتين، وإحداث أضرار جسيمة بإحداهما، ولكنه خرج من الحادث سليماً! منذ أن أصبح هذا الشخص نائباً عام 2008، والكثيرون يتساءلون: كيف حدث ذلك لمن كان يوماً محدث نعمة وحديث تجنيس؟!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw