شعرواوي والأخوان

لم أكن يوماً أية مودة أو تقدير لمحمد متولي الشعراوي، الداعية والسياسي والوزير الراحل، والذي كان مقرباً من جهات عليا في أكثر من دولة! فقد كان له دور في تلميع نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ولم يحاول يوماً إدانة حكمه أو التنديد بدكتاتوريته، وظل يحترمه حتى آخر أيامه، وكان له الموقف نفسه من الدكتاتور الآخر أنور السادات! كما ساهم متولي الشعراوي، وبيّنت ذلك في عدة مقالات، بفعالية بالتأثير في العقل العربي المسلم ودفعه نحو التفسيرات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة، ويكفي الرجوع إلى مقابلاته الصحفية والتلفزيونية وجملة فتاويه، وما كتب عنه من سير، لنعرف مقدار جدلية الكلام الذي صدر منه وعنه. كما اشتهر عنه تحريمه لاستخدام غرف العناية الفائقة في المستشفيات، وخاصة تلك التي تتوقف فيه حياة المريض على عمل الأجهزة الطبية المساعدة على إبقاء المريض حياً، والتي برفعها يموت المريض، بحجة أن في ذلك تدخلاً من الإنسان في قضاء الله وقدره، وهذا مقبول ربما من بعضهم، ولكن ما أن أصيب متولي بوعكة خطيرة، حتى قبل بنقله بطائرة «ملكية» خاصة لدولة أوروبية ليمكث تحت رحمة الأجهزة الطبية نفسها التي سبق تحريم استخدامها، والتي ساعدت في نهاية الأمر في تمديد عمره بضع سنوات!

نعود إلى موضوع المقال والمتعلق برسالة وردتني على الإنترنت تضمنت نصاً يدّعي مرسله أن قائله هو متولي الشعراوي! وبالرغم من شكيّ الكبير في ذلك، كونه لا يتسق مع ما عرفته عن الرجل من مواقف وأقوال وآراء، على مدى أكثر من 35 عاماً، فإن النص جدير بالتنويه، لما له من علاقة بالأحداث الجارية، خاصة في مصر، وما يبذله بعض الكتاب، في القبس وغيرها، من جهد في لي رقبة النصوص الدينية والسياسية وتطويعها، لخدمة مواقفهم ومصالحهم الحزبية والشخصية... طبعاً! وشكيّ نابع من أنه لو كان هذا ما قاله الشعراوي في حياته لما تردد «خصوم الإخوان المسلمين»، وما أكثرهم، في الترويج له واستغلاله لتشويه سمعتهم السيئة أصلاً، بسبب ما كان للشعراوي من شعبية وقدرة بالتأثير في الجماهير، وأسباب تلك القوة معروفة، ولا تزال صالحة مع غيره حتى اليوم!

يقول النص المنسوب إلى الشعراوي: لماذا لا أنتمي لجماعة الإخوان؟ لأنني مسلم قبل أن أعرف الإخوان أو غيرهم، وأنا مسلم قبل أن يكونوا حزباً وأنا مسلم بعد زوالهم، ولن يزول إسلامي بدونهم، لأننا كلنا مسلمون وليسوا وحدهم من أسلموا، وأرفض أن يتلخص ديني في صندوق انتخاب، فديني هو صلة بيني وبين خالقي! وأرفضهم لأنني أرفض أن أرشح حزباً يستعطفني مستنداً إلى وازعي الديني قبل أن يخاطب عقلي، وهو حزب سياسي أرفض الانتماء له لأن ليس له علاقة بالدين وهو يمثل الفكر السياسي لأصحابه، ولا يمثل المسلمين. لهذا أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة ولا أن يصل أهل الدين للسياسة. وأقول لهم إن كنتم أهل دين فلا جدارة بكم بالسياسة، وأن كنتم أهل سياسة فمن حقي أن لا أختاركم، ولا جناح على ديني. أنتهى.
وفي هذا السياق، يقول أحد المفكرين: لا تحدثني كثيراً عن الدين، بل دعني أراه في سلوكك وأخلاقك وتعاملك! فلم يسبق لفيلسوف أن قتل رجل دين، ولكن رجل الدين ساهم في قتل كثير من

الارشيف

Back to Top