يوم أغلق الشعب الحنفية
كتبت في 31 مارس 2020 مقالا بعنوان «فضيحة فزعة للكويت». حصد المقال أكثر من 214 ألف قارئ على القبس الإلكترونية فقط، وهو رقم استثنائي لمقال عادي. شكل نشره نقطة تحول في مسيرة العمل الخيري في الكويت، أو هكذا أرى الوضع. كتب المقال بعد استقرار رأي 42 جمعية خيرية كويتية على القيام بحملة جمع تبرعات تحت شعار «فزعة للكويت»، لإغاثة المعوزين الذين تأثروا، نتيجة إغلاق الأنشطة وعدم القدرة على السفر بسبب كارثة الكورونا! رفضنا في «جمعية الصداقة الإنسانية» الانضمام للفزعة، وتبين لاحقا أننا كنا على حق، وكان فشلها بالتالي، وما صاحب عملية جمع الأموال وتوزيعها من فضائح، نقطة تحول في تاريخ العمل الخيري، دفعنا في الجمعية شيئا من ثمنها، ولكنها فتحت الأعين على ممارسات البعض «الخيرية»، وعرف الكثيرون مدى تلاعب البعض في أموال الخيرات وتوجيهها نحو مصالحهم، الشخصية والحزبية. نجحت حملة «فزعة للكويت» في حينها في جمع أكثر من تسعة ملايين دينار بقليل، وكان المبلغ أقل من المتوقع بكثير. ووعدت غالبية الجمعيات نفسها بحصة معقولة من «العمولة الشرعية» الدسمة من المبلغ الذي تم جمعه، وبنسبة لا تقل عن 12 ونصف في المئة. أدى تدخلنا الشخصي مع المسؤولين، ومقالاتنا في دفع الوزارة لرفض السماح للجمعيات الخيرية المشاركة في استقطاع أي نسبة من ذلك المبلغ لنفسها، وتخصيص كامل المبلغ للغرض الذي جمع من أجله. أسقط بيد هذه الجمعيات ولكن تفتق ذهنها عن طريقة معينة للاستفادة من الوضع من خلال صرف المبلغ على شراء المواد الغذائية، المخصصة للتوزيع على المحتاجين، من مراكز وجهات معروفة لها، وهذا ما حصل في نهاية الأمر، وضاع أغلب مبلغ التسعة ملايين هباء! شكلت وزيرة الشؤون لجنة للتحقيق في الأمر، ولكن لم يصدر عنها، بعد ستة اشهر، أي تقرير بالإدانة أو البراءة، مما يرجح الاحتمال الأول.. طبعا!
***
ساهمت كل هذه الأمور في إحداث تحول في مشاعر وآراء المتبرعين تجاه «الجمعيات الخيرية» والعمل الخيري بشكل عام، وظهر ذلك في ثلاث مناسبات: الأولى: حملة جمع الأموال لجياع أفريقيا. الثانية: حملة جمع التبرعات لإغاثة ضحايا انفجار ميناء بيروت. الثالثة: حملة جمع التبرعات لضحايا فيضان نهر النيل الذي أصاب السودان. حيث فوجئت الجمعيات بتواضع ما نجحت في جمعه من تبرعات، كان حجمه بالفعل مخجلا ومؤشرا على زيادة وعي المتبرع، وانكشاف وضع بعض الجمعيات التي وجهت أموالهم لغير مصارفها، أو بالغت كثيرا في الاستقطاع منها لمصلحة «القائمين عليها»!
***
وبهذه المناسبة، نتمنى من المشرفين والقائمين على مراقبة الجمعيات الخيرية، وبالذات السيدة وزيرة الشؤون، الحرص والتيقن تماما من عدم قيام بعض هذه الجمعيات، المتخمة بالأموال، والمسيسة حتى النخاع، بإنفاق أي من أموال الجمعيات لدعم مرشحي الأحزاب الدينية، خاصة أنهم سبق ان حصلوا على فتاوى من «جماعتهم» تجيز لهم ذلك.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw