مناشدة لسمو ولي العهد
من أسباب خراب المجتمعات، والإطاحة بالدول تعيين الأقرباء في وظائف عالية. فقد رأينا مؤخرا كيف عيّن الرئيس التركي أردوغان صهره «براءت البيرق» وزيرا للمالية، فتسببت قلة خبرته في فقد الليرة التركية لـ%45 من قيمتها
***
انتشرت على وسائل التواصل صورة كتاب تمت الموافقة فيه على طلب احد الوزراء، الاستعانة بخدمات مستشار في مجال الاستشارات القانونية بمكافأة 1000 دينار. لسنا ضد تعيين المستشار في اي جهة، وهذا المقال ليس انتقاصا لقدراته، ولكن لنا الملاحظات التالية على القرار وعلى الجهة مصدرة الكتاب، التي سبق ان طلبت «نفسها» من كل الجهات وقف التعيين والتنقلات في كل المناصب والوظائف، لحين انتهاء فترة الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة بعدها. أولاً: يعتبر القرار مضحكاً فوق أنه مخالف لأبسط الأصول. فحسب علمنا فإن الوزير، الذي طلب الموافقة على تعيين مستشار، هو صاحب خلفية قانونية وخبرة قانونية واسعة، فكيف يستسيغ قيامه بطلب الاستعانة بخبرات من هو أقل منه تمرساً وفهماً للقوانين؟ ثانياً: هناك احتمال كبير ألا يعود الوزير لنفس منصبه، فلم الاستعانة بخدمات «مستشار» لفترة شهر مثلا، فلا أحد يضمن أن الوزير التالي سيستمر في الاستعانة بخبرات «نفس المستشار»! ثالثاً: تعتبر هيئة الفتوى والتشريع الذراع القانونية للحكومة، والجهة التي تستشار في كل الأمور، فلم لم يكتف الوزير بذلك؟ رابعاً: ما الذي استجد مؤخرا ليتم الاجتماع والموافقة على طلب تعيين المستشار، خاصة ان تاريخ الطلب يعود لما قبل 170 يوما؟ لماذا الآن؟ ولماذا في فترة حظر التعيينات؟
***
يقول المحامي بسام العسعوسي في مقاله في القبس، عدد الجمعة: هناك من جنس البشر لا بد من حجزهم في أماكن خاصة، مثلما يتم حجز من يحملون الأمراض المعدية حتى لا ينتشر الوباء ويعمّ بين أفراد المجتمع! إنهم أولئك الذين يحاربون الفساد، لكنهم غارقون في بحوره، يتحدثون عن الفضيلة، لكنهم يمارسون الرذيلة، يأكلون ويشربون ويتنفّسون باسم الدين، لكنهم خاربون في تصرّفاتهم ومعاملاتهم وأنشطتهم، ويعتقدون أن ما يأخذونه من الدولة عبارة عن كسب وغنيمة وذكاء وشطارة وحق مكتسب، يطلقون اللحى ويقصِّرون الثياب، لكن عند بعضهم كل ذلك عبارة عن ديكور ليزداد به ثراؤهم وتتضخم به أرصدتهم. يرتكبون مؤامرة ضد الدين والمجتمع والناس، ويحاولون إقناعنا عبر الحركات الدينية والجمعيات السياسية واللقاءات الفضائية والمقالات الصحافية بأنهم سدنة الحق والدين، وحماة الأخلاق!
***
نرى، بكل تواضع، أن عملية التعيين - إن صحت - تتضمن مخالفة صريحة للأعراف والقواعد والنظم، وعليه نتمنى على سمو ولي العهد، الذي لم نعهد فيه إلا الحزم، أن يجري اتصالاً واحداً يوقف فيه نفاذ هذا القرار المسيء، وليكون درساً لكل الجهات الحكومية، فكل المخلصين ومحبي هذا الوطن بشوق شديد لسماع قرار حازم يعيد الاطمئنان لنفوسنا المتعبة!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw