عزيزي دوتيرتي

رودريغو دوتيرتي هو الرئيس الفلبيني الحالي، والسادس عشر. رفعت الكلفة في مخاطبته، بعد أن تبيّن لي أننا من مواليد الشهر والسنة أنفسهما. يعتبر دوتيرتي أول رئيس فلبيني من جزيرة مينداناو، المنسية من الحكومة المركزية، والتي حدثت فيها اضطرابات عرقية ودينية لسنوات طويلة، ومنها تأتي أغلبية العمالة الفلبينية المسلمة، التي تشكّل حوالي %25 من سكانها. درس دوتيرتي العلوم السياسية في جامعة الفلبين، وتخرج فيها وعمل محاميا، وبعدها مدعيا عاما لمدينة دافاو في مينداناو، قبل ان يصبح نائب عمدة، وعمدة المدينة، في أعقاب الثورة الفلبينية عام 1986، وليبقى في منصبه لاثنين وعشرين عاماً. يعود نجاح دوتيرتي لحزمه، ودعمه فكرة قتل متعاطي المخدّرات والمجرمين الآخرين خارج نطاق القضاء، ولم يخف يوما علاقته بالأمر، قبل ان يصبح رئيسا، خاصة انه وعد ناخبيه عام 2016 بالقضاء على الجريمة وتعاطي المخدرات، ونجح في ذلك، وأصبحت الفلبين الآن اكثر أمانا.

***

شهدت علاقتنا مع الفلبين توترا في عهده، حيث كانت حكومته تهدد بمنع الفلبينيين من العمل في الكويت، كلما تعرّض اي من مواطنيهم لمعاملة سيئة او لحادث مؤلم. وقد مكثنا فترة بين الحظر والتمنّع والسماح، وكانت أغلبية تهديداتهم للاستهلاك الانتخابي المحلي، ولاظهار غيرتهم على رفاهية مواطنيهم ومصالحهم.

***

يعمل ملايين الفلبينيين في مختلف المهن في دول الخليج، ويصعب تخيّل الحياة من غيرهم، ليس فقط لجودة عملهم، ومعرفتهم المعقولة باللغة الانكليزية، بل ولتعدد مهاراتهم وامانتهم النسبية... ونظافتهم! وتحصل الفلبين على دخلها الرئيسي من العملة الصعبة من تحويلات ملايين الفلبينيين العاملين في الخارج، وتبلغ هذه التحويلات 25 مليار دولار سنويا تقريبا، منها اكثر من اربعة مليارات من دول الخليج. *** انتهت صلاحية جواز سفر مربية فلبينية تعمل لدى صديق، فقام بالطلب منها زيارة سفارة بلادها. قامت بذلك خمس مرات، وفي كل مرة كانت تعود بعد ساعات، وهي مرهقة من دون جدوى. نصحوها بأن عليها ان تحضّر نفسها للوقوف يوماً كاملاً في طابور الانتظار. حصلت على الإذن من صاحب العمل، وتركت البيت الساعة الـ9:30 من صباح يوم السبت 28/‏11، وعادت الساعة الـ6:30 من مساء اليوم التالي، وهي على شفير الانهيار، بعد الوقوف لأكثر من يوم ونصف اليوم في طابور من غير أكل ولا شرب ولا حتى توفير مراحيض، تحمل ورقة تجديد جواز سفر، لا يستغرق تحضيرها اكثر من دقيقتين.

***

وهنا نتساءل: أين ذهب حرص الحكومة الفلبينية على سلامة مواطنيها ورفاهيتهم؟ ولماذا هذا الإصرار على معاملتهم كالخراف، وهم يستحقون بالفعل معاملة أفضل؟ ولماذا لم تتم الاستعانة بإنهاء المعاملة إلكترونيا online خاصة ان أغلبية هؤلاء من المبدعين في استخدام الهاتف الذكي؟ أسئلة نضعها بتصرّف حكومة الفلبين، التي لم تتردد يوما بتهديدنا بسحب مواطنيها، إن لم نحسن معاملتهم، في الوقت نفسه الذي لا تتردد هي في الإساءة إلى أبسط حقوقهم، وإنسانيتهم. ***

نتقدم بخالص العزاء لعائلة البكر بوفاة الصديق سراج البكر، أول من تطوع للعمل معنا في جمعية الصداقة الإنسانية مديراً عاماً.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top