أناجيل جمعياتهم

يقول الصديق الحمد إنه شاهد على القناة الفرنسية برنامجا عن زوجين سويسريين ذهبا الى كمبوديا وقاما هناك بتأسيس مدرستين، واحدة للأولاد وأخرى للبنات لتوفير التعليم المهني للأطفال المشردين الذين يعملون في فرز المواد بمكبات القمامة. اختار الزوجان برنامج المدرسة ليكون مهنيا، مع شيء من التعليم الكلاسيكي، فهدفهما كان يتركز على تهيئة الأطفال للانخراط سريعا في مهن مطلوبة ومدرة للدخل، كالحلاقة وخدمة المطاعم والفنادق وأعمال السباكة واصلاح السيارات وغيرها، بدلا من تدريسهم أين تقع أفغانستان، أو من انتصر في الحرب الكورية. وقال الحمد إن الفيلم الوثائقي بين كيف غيرت جهود الزوجين حياة هؤلاء الأطفال بطريقة إيجابية، وخلال فترة قصيرة نسبيا.

***

لو قام أي شخص بتصفح مواقع الجمعيات الخيرية، وخاصة في الدول الخليجية منذ نصف قرن وحتى الآن، فسيجد أن أغلب أنشطتها كانت في الدول الأكثر فقرا في أفريقيا وآسيا، والمسلمة منها بالذات، كرعاية الدعاة وفتح كتاتيب تدريس الدين، وحفر آبار، وأنشطة خيرية بسيطة أخرى. كما مدت بعضها أذرعها لمسلمي دول أوروبا، وبالذات الشقراء الفقيرة، كالبوسنة والبانيا وكوسوفو، بعيدا عن أعين الرقابة في الداخل.

***

دخلت المسيحية لأفريقيا بأكثر من طريقة ومن خلال أكثر من بوابة، وكانت أكثرها تأثيرا ما قامت به الإرساليات والمبشرون الأفراد، الذين ذهبوا في أوائل القرن الماضي إلى مجاهل أفريقيا لتقديم العلاج والتعليم لسكان القرى الأفريقية والعيش معهم في أكثر الظروف صعوبة، ونجحوا بالصبر والجهد في تنصير الملايين بأسهل الطرق وأكثرها فعالية، دون أن يكلفوا «جمعياتهم» وكنائسهم أموالا تذكر، ودون استقطاع نسبة القائمين عليها. كما قام البعض منهم بتحويل لغات القبائل الأفريقية من محكية إلى مكتوبة باستخدام الأحرف اللاتينية، وجعل الإنجيل أول كتاب يطبع ويقرأ بلغتهم، وهكذا دخلت كلماته لقلوبهم دون عناء يذكر. هذا هو التبشير الحقيقي والفعال، وليس ما نراه من وسائل وطرق بائسة من جماعتنا! وبالتالي فإن جمعياتنا الخيرية، التي لها أنشطة خارجية، مطالبة بتحديث وسائلها، والتركيز على إيجاد وظائف للعاطلين عن العمل في الدول التي يتواجدون فيها، والتخلي عن طرقهم التقليدية التي عفا عليها الزمن! أعلم جيدا أن ما أقترحه هنا لا «يوكّل خبز»، إضافة إلى صعوبته، ولذا لن يلتفت له أحد! ملاحظة: نثمن قرار البنك المركزي منع الجمعيات الخيرية من إرسال أموال لفروعها في الخارج، فقد كثر اللغط حول مثل هذا الموضوع، وحان وقت وقف مثل هذا التسيب. 

‏سينتهي هذا الإعلان خلال 15 أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top