تعليق على انتخاب رئيس المجلس

لا أعرف رئيس مجلس الأمة السيد مرزوق الغانم، ولم يسبق أن التقيت به، وليس بيني وبينه غير مكالمة هاتفية قبل بضعة أشهر استغرقت ثواني للثناء على فقرة من مقال، لا أتذكر الآن موضوعه.

***

هذا المقال ليس دفاعا عنه، بل مجرد عرض وجهة نظر لما حصل في جلسة انتخاب رئيس المجلس، وما سادها من هرج، وما ينتظرنا من المجلس الحالي، أقول ذلك مؤكدا عدم انتمائي لأي تيار سياسي أو ديني، ولا شيء يمكن أن يدفع من في سني ووضعي، لتغيير رأيه وقناعاته، غير المنطق.

***

بداية، لا أعتقد أن السيد مرزوق الغانم كان برأي الكثيرين المرشح الأفضل، دون جدال، لشغل كرسي الرجل الثاني في الدولة في الانتخابات الأخيرة. ولكنه كان، من وجهة نظر الكثيرين أيضا، الأفضل بين المرشّحين. وهذا ليس تقليلا من كفاءة الطرف الآخر، بل تخوف مبرر من توجهات وميول بعض أعضاء الكتلة التي وقفت وراءه، والتي «استذبحت»، لأسباب شخصية بحتة غالبا، لإنجاحه، ليس حبا فيه، بل كرها في منافسه. كما بينت النوايا والوسائل التي لجأ لها قادة معارضة إعادة انتخاب الغانم رئيسا صدق تخوف الكثيرين منهم، خاصة بعد تشكيكهم حتى في صدق نوايا بقية زملائهم النواب، واللجوء لحيلة تصوير أوراق الانتخاب مع الباركود، وإجبارهم قبلها على القسم على القرآن للتصويت لمرشحهم، وما تبع ذلك من عمليات تجسس على أوراق الانتخاب وتصوير الملغى منها، وجميعها وسائل غير دستورية ولا أخلاقية، ولا تطمئن أحدا على الثقة بهم مستقبلا، أو تسليمهم دفة إدارة أداة التشريع في البلاد.

***

كما أن كل طلبات تشكيل لجان التحقيق في أحداث جلسة الافتتاح، التي قد تبدو في ظاهرها مبررة، لا معنى لها. فلو كانت النتيجة عكس ما انتهت إليه فهل كانوا سيقبلون طلب تشكيل لجنة تحقيق؟ فكيف يمكن تبرير طلبهم شيئا لأنفسهم ورفضه لغيرهم؟ وبالتالي على هؤلاء المتباكين على النتيجة إكرامنا بسكوتهم، واستعمال سلطتهم، كنواب، في محاسبة أمين عام مجلس الأمة، أو غيره، على تقصيرهم في حفظ النظام. أما التباكي على حقوق المرأة ومكانتها، ومحاولة تجريم القول السيئ الذي صدر بحق نساء الكويت من أحد مناصري الرئيس الغانم، فهذا كان ممكنا قبوله لولا معرفتنا الجيدة بسابق مواقف هؤلاء من قضايا المرأة وحقوقها.

***

كما أن كل من اعترض على توجيه أصوات الحكومة لطرف دون آخر، وهذا افتراض فقط، فالتصويت كان سريا، قد أخطأوا باعتراضهم! فصوت الحكومة في عملية اختيار رئيس المجلس حق دستوري لا خلاف عليه. والحكومة حرة في توجيه أصواتها للجهة التي تراها مناسبة، كما يفعل أي نائب آخر بصوته، علما بأن الحكومة ليست جسما غريبا بل هي جزء من الشعب. ولو كانت أصوات الحكومة قد جيّرت لمصلحة المرشح الآخر فهل كنا سنسمع ونقرأ عن كل الصفات السيئة وغير المناسبة التي ألصقت بنفس الحكومة، رئيسا وأعضاء؟ الجواب طبعا لا، وبالتالي لم هذه الازدواجية وهذا النفاق؟ الخلاصة: لقد تخلصنا، ولو مؤقتا، من فريق كان يمكن أن يعيد أوضاعنا السياسية والاجتماعية، السيئة أصلا، لوضع أكثر سوءا، لو تسنى له إنجاح مرشحه، ولكن يبدو أن الحكمة أنقذت الوضع!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top