شيطنة قرار «المركزي».. والعمل الخيري
لم يتوقف اللغط يوماً عن مصير الأموال التي تجمعها الجمعيات الخيرية، سواء ما تعلق بالصرف في الداخل، أو ما يرسل للخارج، ولم يكن غريبا بالتالي تحرك البنك المركزي وإصدار تعليماته للسيدة هناء الهاجري، وكيلة الشؤون لقطاع التنمية الاجتماعية، ورئيسة اللجنة المعنية بالتنسيق بين الوزارات ذات العلاقة بعمليات جمع التبرعات التي تقوِّم الجمعيات، والطلب منها وقف أي تبرعات لخارج البلاد، وقصرها على المساعدات الداخلية. وبرر «المركزي» قراره بأنه يعود لظروف جائحة كورونا، إضافة لما يتطلبه الأمر من دراسة تعكف عليها وزارتا الأوقاف والشؤون في ما يتعلق بضبط الرقابة على عمليات جمع التبرعات والترخيص للجمعيات! لا شك أن للأمر جوانب أخرى تتعلق بالضغوط الدولية والخوف من تسرب مثل هذه الأموال الطائلة لتمويل الإرهاب والأعمال غير المشروعة. وقد شددت رئيسة اللجنة على ضرورة «توطين» العمل الخيري، وهذا ما سبق أن طالبنا به في عشرات المناسبات والمقالات، فما يذهب للخارج لا يُعرَف غالبا مصيره، بسبب انعدام الشفافية وغياب كل أنواع الرقابة على الأموال التي ترسل للخارج، وميل النفس البشرية لأن تسيء استخدام المال السائب. ولم يكن غريبا تصدي نائب جديد للأمر ومهاجمة قرار البنك المركزي المتعلق بوقف إرسال أموال المساعدات للخارج، وأنه يتضمن تضييقا على العمل الخيري، وكيف ان موافقة الشؤون على قرار المركزي تعتبر نوعا من الانحراف الخطير وتقليلاً لدور الكويت الإنساني في الخارج، في الوقت الذي تشهد المنظمات العالمية للجمعيات الخيرية بالنزاهة!! وهذا ادعاء كاذب لا أساس له، سبق أن كرره نائب حدسي سابق قبلها، وتحديناه أن يأتينا بدليل واحد عليه! فكلام النائب الجديد لا معنى له، فلم تشهد أي جهة عالمية بنزاهة العمل الخيري الكويتي. كما لا يخضع هذا العمل لأعين أي جهة رقابية، خاصة في الخارج. فما يذهب للخارج، وغالبا لأفرع نفس الجمعيات أو لمن يمثلهم شخصيا في تلك الدول تخصم منه «عمولات» مجزية، باسم «القائمين عليها»، ويصرف جزء منه على أعمال خيرية، بدائية غالبا، ويضيع جله! إن «فزعة» النائب الإخونجي لجمعياته كانت متوقعة وتؤكد وجهة نظرنا بخطورة التساهل مع قضية إرسال أموال للخارج، من دون حسيب ولا رقيب كما هو الحال الآن. خاصة أن وزارتي الخارجية والشؤون غير مؤهلتين ولا قادرتين على مراقبة ومتابعة الأموال التي ترسلها الجمعيات الخيرية، والمسيسة منها بالذات، للدول الأفريقية وغيرها، التي ترتع غالبيتها في الفساد. نعود ونكرر شكرنا لتدخل البنك المركزي، ولموقف وزارة الشؤون فقد طال التسيب وضاعت مليارات الدولارات، من دون أن تحصل الجهات التي أرسلت الأموال لها إلا على الفتات.
***
ملاحظة: نتقدم بالشكر لبنك الكويت الوطني لمبادرته الجميلة بتكريم الأستاذ عبداللطيف الحمد، على جميل عطائه لوطنه على مدى 60 عاما. تكريم هذا الرجل مستحق. أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw