هل سينهض الفينيق من تحت الرماد؟

نعيش أزمة سياسية وأخلاقية واجتماعية خطيرة تسببت بها الأخطاء المتراكمة التي استمرت طويلاً، التي عجزت حكوماتنا، أو لم ترغب في معالجتها. ستصب مقالاتي، في الأيام القليلة القادمة، في اتجاه تسليط الضوء على «بعض» هذه المشاكل، وما أراه، بتواضع، من حلول لها، متجنباً قدر الإمكان القضايا التي مللنا من التذكير بها، كالتركيبة السكانية والبدون والوضع المالي. فعلى سبيل المثال، قام المرحوم عبدالرحمن العتيقي، عام 1977، عندما كان وزيراً للمالية، بالتحذير من خطورة الاعتماد على مورد دخل واحد، وجاء بعده المئات بالتحذير نفسه! ولا نزال منذ 55 عاماً على طمام المرحوم.

***

لست في موقع الناصح للرئيس المكلف، ولا أنفع مستشاراً، فهناك من يفوقني فهماً وعلماً، ولكن الخبرات التي تراكمت لدي على مدى سبعين عاماً تقريباً، هذا غير هموم الكتابة اليومية لما يقارب العقود الثلاثة، ربما تعطيني الحق في مخاطبة صاحب الشأن، رئيس الوزراء المكلف، فربما يجد فيما سأقوله شيئاً ينفع، فهو يمثل هموماً حقيقية للمواطنين المخلصين، أو ما تبقى منهم، مع التناقص اليومي الخطير في أعدادهم.

***

ما حدث في الكويت قبل سنوات ثلاث تقريباً مثّل ظاهرة لم ولن تتكرر في أية دولة أخرى في العالم، فخلال أيام اكتشف المواطن والمقيم أن %90 من شوارع الدولة وطرقاتها تالفة!! فكيف يمكن أن يحدث ذلك لولا حالة التآكل التام التي أصيبت بها الإدارة الحكومية؟

***

كويت يناير 2021 ليست كويت الأمس، فالمرحلة التي نحن فيها الآن هي الأخطر، وما ستقدم عليه الحكومة القادمة، الهيمنة على مقدراتنا، سيعني أحد أمرين: إما الاستمرار في مسيرة الانحدار، بكل أشكاله، وما يعنيه ذلك من تحولنا لدولة هامشية فقيرة أكثر تخلفاً، طاردة ليس فقط للخبرات والمواهب، بل وحتى لسكانها من مواطنين ومقيمين. أو، وهذا ما نتمناه، أن ينهض وطننا، كطائر الفينيق، من تحت رماد الفساد والفضائح وركام التخلف الإداري، ويعود إلى سابق ألقه، وشيئاً أفضل مما نحن فيه الآن. فلا شيء ينقصنا، فوطننا من أسهل الدول إدارة، بسبب قلة مشاكلنا البنيوية، وسهولة إعادة تلاحمنا، الذي تفكك، بسبب ما اتبع من سياسات خرقاء. وأرجو أن يتسع صدر سمو الرئيس لما سأورده في المقالات القادمة من آراء، علما بأنه سبق لي أن رفعت راية الاستسلام البيضاء وفقدان الأمل في أي إصلاح، ولكن تحت ضغوط جميلة، قررت أن أعود وأقول بأن هناك بصيص أمل بغد أفضل، مع شيء من الشك، بعد أن تحولت النظرة لنا من أشقائنا من الإعجاب، المشوب بالحسد، إلى الشفقة والرثاء. وإلى مقال الغد.

 أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top