علاوات ومناقصات
لا تعتبر مصر دولة فقيرة؛ فهي تمتلك الكثير، ولكن مشكلتها الأساسية، التي تفاقمت بعد انهيار أنظمتها المستقرّة، تمثّلت في الزيادة الرهيبة في أعداد السكان، ولا أعرف دولة أخرى في العالم تضع لوحة ضخمة في أهم شوارعها تبيّن العدد والزيادة في المواليد كل ثانية.
* * *
لأسباب تتعلّق بعقدتنا السابقة من ضآلة أعدادنا، مقارنة بجيراننا، ورغبة من الحكومة في زيادة السكان، فقد قامت الحكومة، في وقت الرخاء المادي، بتشجيع الإنجاب، من خلال منح علاوة، تبلغ خمسين ديناراً لكل طفل، ولعدد ثمانية أطفال، فدخلنا في نفق الإنجاب غير المبرر، فقط من أجل الحصول على العلاوة، مع عدم اكتراث (الآباء بالذات) في أسر كثيرة ما يعنيه الإنجاب من مسؤولية أمنية واجتماعية وخلقية، وأن المهم الكيف وليس الكمّ، وقصة تفوّق «الكيان الصهيوني» علينا ماثلة أمامنا، كل يوم، ولكن من الذي يقرأ؟
* * *
ما نحتاجه اليوم من حكومتنا الجديدة هو الاهتمام بالكيف، ووقف سباق التكاثر الكارثي بوقف صرف مبالغ الدعم، لما يزيد على ثلاثة أبناء، وتوجيه من يتم توفيره من علاوات ضائعة نحو رفع مستوى التعليم، علماً بأن قراراً كهذا لا علاقة له بأسطورة «جيب المواطن»، فتطبيقه سيكون على الجدد فقط.
* * *
كما من المهم قيام الحكومة الجديدة بمراجعة جدية لقانون المناقصات، ووقف تطبيق قاعدة «أقل لأسعار»، على الأقل ليس لكل المواد، فهناك دول متقدّمة سبقتنا في طرق ترسية أفضل بكثير مما هو مطبّق لدينا، ولا نحتاج إعادة اختراع العجلة، فقد أتلفت قاعدة أرخص الأسعار الذوق العام، ووردت الرداءة والبشاعة لكل وزارة وإدارة.
(وإلى مقال الغد).
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw