من فبراير 1980 إلى فبراير 2021

صدرت في ثمانينيات القرن الماضي تعليمات من وزارة الإعلام، منعت الفنادق من إقامة الحفلات وغناء المطربين وعزف العازفين! ولتطبيق القرار تكوّنت إدارة خاصة في وزارة «مولانا جلال الدين»؛ مهمتها تطبيق قرار الحظر، الذي ساهم، بطريقة غير مباشرة، في تقوية نفوذ رجال الدين والصرف أكثر على مؤسساتهم، وتزايد أعداد دور العبادة مع ما صاحب ذلك من رد فعل، تمثّل في زيادة وتيرة الفساد بكل أشكاله، وزيادة استهلاك الممنوعات.

***

مع الوقت، أبدت وزارة «مولانا جلال الدين» بعض المرونة مع الفنادق، وفي رمضان فقط، حيث قررت السماح لها بدعوة «تخت شرقي» للعزف، بغير غناء. وكان منظر طاولة «مراقبي وزارة الإعلام» في هذه الحفلات مثيراً للسخرية، فالكل تقريبا كان يعرف سبب وجودهم، ومهمتهم السخيفة، والأكل من «البوفيه» الغني بـ«بلاش». ***

ومع الوقت أيضاً، سمحت وزارة مولانا جلال الدين للفنادق بعزف البيانو في البهو، بعد الحصول على ترخيص شهري، يُجدَّد تلقائيا لأحد عشر شهراً، أما في ديسمبر فكان يُجدَّد حتى يوم 23 منه، وذلك لكي لا يكون بمقدور الفنادق عزف أي مقطوعات «دينية مسيحية» خلال فترة الأعياد المسيحية... وهذه «نحاسة ما بعدها نحاسة»!

***

وتمر الأيام ويكون لهؤلاء، الذين رفضنا حتى السماح لهم بسماع موسيقاهم خلال أعيادهم الدينية، الفضل الأكبر في تحريرنا وعلاجنا وإنقاذنا من كل وباء، ولكن بقي قرار حظر العزف سارياً حتى اليوم.

***

تلقيت بالأمس رسالة «واتس» من صديق، تضمّنت «كليباً» مصوّراً بهاتف نقال، يبيّن سيدة أوروبية الملامح بشعر ذهبي منسدل على كتفيها، وهي تعزف ببراعة على آلة بيانو في بهو أحد الفنادق. تتحوّل الكاميرا عنها للناحية الأخرى لنكتشف أن الفندق يقع في الرياض، عاصمة الشقيقة جدّاً، المملكة العربية السعودية، والتاريخ فبراير 2021. فإلى متى نعيش هذا التناقض السخيف وغير المبرر، والمستمر منذ 40 عاماً؟! وكيف يمكن فصل هذا التصرّف القديم مع تصرف جديد لخمسة من «كبار» نوائب الأمة، وهم يقدمون اقتراحاً مستعجلاً للحكومة، ليس لحل المشكلة الإسكانية أو تفسير الضائقة المالية، بل لزيادة علاوات ومكافآت أئمة المساجد؟!

*** 

 وفي السياق نفسه، قامت وزارة التربية بإنهاء خدمات مدرّسات موسيقى؛ لقيامهن بالعزف في حفلات خاصة! يبدو أن المثل الكويتي الفج القائل إن «أبي ما يقدر إلا على أمي»، ينطبق على هذا القرار. فالوزارة تعلم جيدا أن مدرّسي «الدِّين» يعملون في مختلف الجمعيات الخيرية، ويشاركون في دورات تدريس ديني، ويعطون دروساً خصوصية! ولكنها لم «تتجرّأ»، طبعاً، على الاقتراب منهم، دع عنك مجرد التفكير في إنهاء خدماتهم!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top