أنا وناصر الدويلة
أعلن ناصر الدويلة، الذي يوصف بالخبير والمحلل الإستراتيجي والحربي (!) وعضو مجلس الأمة السابق، عن قراره مغادرة البلاد، للنأي بنفسه عن «الأذى» بسبب «كثرة الملاحقات القضائية» بحقه! وأنه سيعيش خارج وطنه حتى تتغير الأمور. وكيف أن النيابة العامة لم تنته من رفع القضايا ضده، ولم يكفها صدور أحكام بالسجن عليه، ودفعه آلاف الدنانير كغرامات وكفالات وغيرها.
وأنه من أرض الكويت الغالية ومن مطارها الدولي يغادر وطن آبائه وأجداده، وسيكون له عود قريب، في حال أحسن من هذا الحال. وأضاف: وأسأل الله أن يهدي أسرة الحكم للخير، ويجنب حضرة صاحب السمو البطانة الفاسدة ويهديه للرشد والفلاح.
***
ليس بيني وبين الأخ ناصر الدويلة أي خلاف أو حتى علاقة عابرة، وأعتقد أنه اجتهد كثيراً ليس فقط بوقوفه مع طرف ضد طرف آخر، إبان الأزمة الخليجية الطاحنة بين السعودية وحلفائها من جهة، وقطر وعسكرها من جهة أخرى، بل ومغالاته في معاداة الطرف الآخر، ولسبب رآه ربما مقنعاً مادياً.
ولكن عودة الدفء بين طرفي النزاع، السعودية وقطر، حتّمت التضحية بحلفاء الأمس، خصوصاً ممن لا أهمية لهم، فكان ناصر الدويلة ربما أحدهم، كما دفعه «مديرو» القنوات المصرية المعارضة في تركيا، بعد أن انتهى الدور الذي جندوا من أجله.
***
لقد استُدعيت مثله للنيابة والمباحث الجنائية، ودخلت المحاكم بسبب عشرات قضايا «الرأي»، هذا غير زيارة أمن الدولة وتبصيمي بطريقة مذلة، وبالتالي أعرف معاناته وشكواه، ولا ألوم هنا الجهات الأمنية والقضائية، فهي تقوم بتنفيذ القوانين، ولكن اللوم يقع على مجلس الأمة وأعضائه «العباقرة» الذين سبق أن أقروا قانون المرئي والمسموع، ووضعوا أداة خطيرة بيد الحكومة تستخدمها بالطريقة التي تحلو لها ضد كل صاحب رأي، وهم مستقبلاً سيكونون ربما ضحايا هذا القانون، أو أحد أقاربهم أو إخوتهم.
***
خروج ناصر الدويلة من وطنه، واختيار العيش خارجه، لم يكن حتماً قراراً سهلاً لا عليه ولا على أهله، ويستحق بالفعل التعاطف معه.
فبالرغم من عدم اتفاقنا معه في كل موقف أو رأي تقريباً، فإن من حقه علينا تأييد قضيته والسعي، على الأقل، إلى تغيير قانون المرئي والمسموع، السيئ الذكر.
***
علمت بعد الانتهاء من كتابة هذا المقال، من تغريدة أرسلها الدويلة، أنه اختار تركيا منفى مؤقتاً، لأنها الخيار الأمثل، حسب قوله، لجميع الأحرار، فهي بلد الحرية وفيها «حاكم عادل» لا يظلم عنده أحد، ودولة تستند إلى إرث تاريخي في إدارة الأمم، ونهجها حصيف في العلاقات الدولية، وشعبها مضياف، لذلك نزل بلد أردوغان(!!).
تبين لاحقاً أن تركيا، بسبب التغيرات الأخيرة في مواقفها، رفضت السماح له بدخولها، وهي التي لا يظلم أحد فيها، وبلد الأحرار، فاتجه ربما إلى دولة أخرى.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw