جمعة.. روبسبيار الثورة الكويتية

انتشر شريط لمواطن حاقد، مفلس ماديا وأخلاقيا، يصف نفسه بالكاتب الصحافي، أعلن فيه «للكويتيين» أن غريمهم وعدوهم هم طبقة «التجار»، فهم الذين لهم النفوذ وأخذوا المناقصات والوكالات. وإذا أراد «أهل الكويت» حريتهم، وعندهم الإرادة، فعليهم «الزحف» إلى بيوت التجار، وإجراء محاكمة شعبية لكل منهم أمام بيته!
***
كلام واضح لجمعة «روبسبيار» الثورة الكويتية، ولكن يحتاج لبعض الترتيب لكي تنجح خطته.

علينا أولا الاتفاق على كيفية تشكيل اللجان الشعبية، ومن يختارها، وتحديد وحصر من تنطبق عليه صفة تاجر، وليس حسب شروط «سوق جمعة»، ومعرفة عناوين سكنهم، ومعالجة مشكلة من لديه أكثر من زوجة وبيت، وتشكيل فرق قضائية لمحاكمة التجار، ناهبي المناقصات وآكلي لحوم أكتاف الشعب، مصاصي الدماء من أصحاب الوكالات، وتحديد طريقة اختيارها لتكلف بإصدار الأحكام العرفية بحق التجار، وإرسالهم لمقصلة الثورة التي ستقام في ساحة «سوق الجمعة».
***
ستختفي طبقة التجار بعدها ويرتاح الشعب منهم، وستعود لحوم أكتاف الشعب للنمو، وسيشعر الكل بالسعادة لبضع ساعات، ثم سيكتشف الجميع أنهم خدعوا من روبسبيار، فقد اختفت المواد الغذائية والصحية من الأسواق وأرفف الجمعيات، بعد أن أعدم التجار، أصحاب الوكالات مصاصي الدماء وناهشي المناقصات. وستجد الحكومة نفسها أمام خيارين:

إما مصادرة كل ممتلكات التجار المدانين من مخازنهم، أو ما تبقى منها، مع وكالاتهم، لتقوم اللجان الشعبية بمهمة الاستيراد والتخزين والتسعير والتوزيع والبيع، وهذا سيحولنا لدولة شيوعية بامتياز!

وحيث ان الحكومة غير مؤهلة للقيام بمهمة البحث عن المواد الغذائية وغيرها في عشرات دول العالم والتفاوض مع آلاف المصنعين والموردين، والتعاقد معهم على استيرادها وتخليصها وشحنها، وتخزينها وتسعيرها ونقلها لمنافذ البيع وتحصيل ثمنها وغير ذلك من مهام معقدة، فسيكتشف من صدقوا روبسبيار خطأهم، وستضطر الحكومة لتسليم أمر توفير احتياجات المواطنين لأفراد أو لشركات لتقوم بالمهمة، وستعود طبقة التجار للواجهة ثانية بهيئات وأسماء مختلفة.. وتيتي تيتي مثل ما رحتي، يا مدام جمعة، جيتي!
 ***
لم يكن من المفترض الالتفات أصلا لاقتراح روبسبيار السخيف، لولا كم التعليقات المؤيدة لكلامه على التويتر، وبعضها لـ«أصحاب عقول»، وهذا ذكرني أولا بسيئ السيرة صدام حسين الذي كان يلجأ لإعدام عدد من التجار، كلما انخفضت العملة، وتحميلهم مسؤولية الانخفاض.

كما ذكرني بقصة لورد بريطاني قام بتوظيف رئيس خدم، ولكن من اختاره اشترط أن تكون اجازته الأسبوعية يوم الأربعاء، كونه اليوم الذي يجتمع فيه مع رفاقه من أعضاء الحزب الشيوعي.

بعد فترة لاحظ اللورد أن رئيس الخدم توقف عن الذهاب لاجتماع الأربعاء فسأله عن السبب فقال بأن سكرتارية الحزب قامت في آخر اجتماع بطرح فكرة القيام بانقلاب وتسلم السلطة، ومصادرة كل ثروات التجار والأثرياء، وإعادة توزيعها بطريقة متساوية على افراد الشعب.

تبين من ارقام السكرتير العام أن نصيب كل بريطاني سيكون 20 ألف جنيه. وحيث ان رصيد حسابه في البنك 26 ألف جينه، فهذا يعني أنه سيكون أقل غنى، أو أكثر فقرا في ظل النظام الشيوعي الجديد. ولهذا توقف عن الذهاب لاجتماعات الأربعاء.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top