صحن أولمرت والأطفال المعنفون
تعرّض بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، الذي لا سلطة تنفيذية أعلى من سلطته، لاتهامات بالبذخ في الصرف، من موارد غير معروفة، على تجديد 10 داوننغ ستريت، مقر رئيس الوزراء الرسمي، الذي سيغادره متى ما خسر منصبه. ويقال إن ما صرفه تجاوز ما يُمنح عادة لرؤساء الوزراء البريطانيين من مال لتجديد ديكور المقر، خلال فترة ولايتهم.
ووجه كبير مساعديه السابق اتهامات له لاتباعه «سلوكاً غير أخلاقي» في عمله، وإن ثبت ذلك فسيعرضه الاتهام للإهانة، مع احتمال فقده منصبه، فهناك لجنة برلمانية من صلاحياتها فحص التبرعات والقروض التي يتلقاها كبار السياسيين، وإصدار العقوبات بحقهم، بما في ذلك فرض غرامات كبيرة، مع حق إحالة أي انتهاك واضح للقانون إلى المدعي العام.
***
قصة رئيس وزراء بريطانيا مع ورق حائط شقته ذكرتني بالفضيحة التي أطاحت رئيس وزراء إسرائيل «إيهود أولمرت»، الذي يصغرني سناً بأسبوعين فقط.
تولى أولمرت رئاسة الحكومة الإسرائيلية بالوكالة، بعد إصابة أرئيل شارون بجلطة دماغية عام 2006. وتورط خلال ولايته في حرب 2006 في لبنان فتلطخت سمعته، ليستقيل من رئاسة الحكومة في عام 2009 بعد أن تدنت شعبيته بعد حرب غزة في 2008.
وفي مايو 2014 قضت محكمة إسرائيلية بسجن أولمرت 6 سنوات، وتغريمه مليون شيكل، لقبوله رشى في مشروع إسكاني، ولكن خفض حكم السجن تالياً لسنة ونصف السنة.
دخل أولمرت السجن في 2016، ولا أزال أتذكر صورته وهو جالس يتناول طعامه المتواضع من صحن بلاستيكي رخيص، مرتدياً ملابس السجن البالية.
***
تعرّضت قبل أيام الصحافية الفلسطينية روان مرشد للضرب والتعدي اللفظي، أثناء قيامها بعملها الصحافي في قطاع غزة من قبل الشرطة العربية الفلسطينية المسلمة، لعدم ارتدائها الحجاب.
ووصفها الشرطي بأنها «لا تنتمي لهم» و«لا يحق لها الكلام» و«لا يُشرفه مناقشتها» و«عليها أن تخرس»!
***
تساءلت بيني وبين نفسي ما الذي سيفعله الفلسطينيون بعضهم ببعض «إذا» خرج الإسرائيليون من فلسطين؟ هل ستصبح إيران ثانية؟
وبالتالي فإن الجلوس وتمني زوال إسرائيل شيء، ومعرفة كيفية إدارة دولة حديثة تحترم فيها حقوق كل إنسان، ويطبق القانون على الكبير قبل الصغير، وتحفظ كرامة المواطن، مسألة مختلفة كلياً.
***
في الدول المتقدمة تقوم السلطات بالتدخل في حياة الأسر و«انتزاع» أبنائها منها، وتسليمهم لأسر حاضنة foster families إن تيقنت أنهم لا يتلقون الرعاية المطلوبة، أو أسيئت معاملتهم! فمصلحة أولئك الأطفال المعنفون أهم من حق أسرهم في الاحتفاظ بهم.
تذكرت ذلك وتساءلت بيني وبين نفسي، وبصمت رهيب، هل تحتاج بعض دولنا لأن تقوم سلطة أعلى بانتزاعها من مسؤوليها ووضعها تحت رعاية مسؤولين آخرين؟.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw