الإخوان سرطان
رأت السلطة في الكويت في منتصف سبعينات القرن الماضي تقريبا أن التيار الوطني، الأقرب لليبرالية والممثل حينها للطبقة المتعلمة فوق المتوسطة، يشكل خطرا عليها، وأن الحل يكمن في تغيير المعادلة وتغيير طريقة ممارسة اللعبة الديموقراطية، وهنا اتجه بعض افرادها لسياسة تجنيس فئات معينة لترجيح كفة على أخرى! ورأى البعض الآخر التحالف مع القوى الدينية الأكثر محافظة وولاء! ما لم تدركه السلطة حينها أن الحكمة أو المقولة التي تنسب للملك عبدالعزيز بن سعود من أن «الدين طير يقنص به»، قد تكون مناسبة لمجتمع سلطوي ولكنها لا تصلح بالضرورة لكل مكان وزمان، خاصة في المجتمعات الأكثر انفتاحا، فهؤلاء المتدينون يمكن الاستعانة بهم لتحقيق أهداف معينة، ولكن ليس من السهل التخلي عنهم وقت شاء من استعان بهم، بغير استخدام القوة، كما فعل ابن سعود مع «الإخوان» عندما عارضوا إصلاحاته، وكما فعلت قطر مع جماعة من مواطنيها قبل سنوات قليلة عندما وضعتهم على الحدود وطلبت منهم التصرف، مع الفارق. ولكن هذا الأسلوب ليس بالأمر السهل دائما، خاصة بالنسبة للكويت، وبالتالي يصبح أي تقريب للمتأسلمين، على حساب الفئات الأخرى، مغامرة محفوفة بالكثير من المخاطر، فهؤلاء، متى ما تمكنوا لن يترددوا في استغلال الوضع لمصلحتهم وتمكين أنفسهم من الحكم، وما ذكره الفريق ضاحي خلفان، قائد عام شرطة دبي، غير بعيد عن ذلك، فقد بين في حديثه للزميلين حمزة عليان وعبدالسلام العوضي (القبس) قبل اسابيع قليلة، أن خطة «الإخوان» للوصول الى الحكم في الخليج ستبدأ من الكويت مع عام 2013، وسبب ذلك أنه ليس بإمكان حكومتها استخدام العنف ضدهم، إضافة إلى أنهم يحاولون منذ أربعينات القرن الماضي توطيد اقدامهم في الكويت، وهم اليوم أقرب ما يكونون الى السلطة من اي وقت مضى. وذكر الفريق خلفان أن هناك تعاوناً بين «إخوان» الكويت ومصر، فهذا التنظيم يدير خلاياه من الدول التي يتواجد فيها! وتصريح السيد خلفان هذا يتناقض مع كل ادعاءات وترهات «قيادات» الإخوان في الكويت» من أنهم يعملون بصورة مستقلة عن إخوان مصر، فواضح أن هناك حلفاً يربط الاثنين، والدليل أنه لا أحد من هؤلاء استطاع إخفاء فرحته، وحتى شماتته من أعدائه ومعارضيه، عندما نجح إخوان مصر في اكتساح غالبية مقاعد البرلمان، «ولكنهم سكتوا عندما فشل مرشحهم للرئاسة في الحصول على نصف عدد الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات النيابية، وهذا مؤشر واضح على انكشاف ألاعيبهم وخواء فكرهم».
نعيد ونحذر بأن وصول «الإخوان» يشبه وصول طبقة رجال الدين، او الملالي للحكم في إيران، فإزالة هؤلاء بالعنف أو السلم أمر أقرب للاستحالة منه لأي شيء آخر، فهؤلاء، في داخلهم وصريح عباراتهم، يعتقدون بأنهم ممثلو الله في أرضه، وحاملو رايته، ومبلغو رسالته، وكل اعتراض عليهم هو اعتراض على مشيئة الله وحكمه، وبالتالي يجب أن يقابل من يعترض طريقهم بأقصى درجات العنف، وقد وفرت نصوص دينية عديدة الذريعة لهؤلاء للجوء الى ما يرونه مناسبا لدحر، او تصفية أعدائهم، ان حاول هؤلاء «اغتصاب» الحكم منهم!