ملاحظات فلسطينية..!!
تشكل القضية الفلسطينية، ومنذ 101 عاما، مثالا على مدي هوان حالنا وتخبط قراراتنا واستمرار تخلفنا وتراجعنا في كان مجال، لأننا، باختصار شديد، اخترنا الغيبيات على العلم الحديث، والانغماس في الخلافات والحروب العبثية الخاسرة على حساب التسويات، وتفضيل مبدأ «كل شيء أو لا شيء»، على حساب مبدأ «خذ وطالب»!
فإذا كنا عاجزين تماماً، كدول عربية، عن الاتفاق على أبسط الأمور وأكثرها بديهية، فكيف يمكن أن نتفق، وعددنا 21 دولة، على كيفية تحرير فلسطين؟
لقد وضع الفلسطينيون قضيتهم بيد العرب، فأعطوها المال والسلاح بيد، وبالأخرى وضعوا شروطهم ومطالبهم، فانغمست القضية في أوحال خلافات العرب، ولم تستطع منذ 1948 وحتى اليوم الخروج منها.
كما وضع الفلسطينيون جزءاً كبيراً من مصيرهم، مع بدايات اشتداد الصراع، بيد «اللجنة العربية العليا» برئاسة أمين الحسيني، مفتي القدس، رجل الدين المتواضع الفهم والقدرات، الذي اعتقد أن الرهان مع النازية هو القرار الأفضل! في الوقت الذي راهن فيه اليهود على الحلفاء الغربيين، ووضعوا قضيتهم بيد الأطراف الأقوى والأكثر خبرة ومالاً من بينهم من أمثال روثشايلد ووايزمن وعتاة الصهاينة المخلصين كـ«بن غوريون» و«غولدا مائير».
***
منذ 1948 وغالبية دولنا تصر على الادعاء بأن القضية الفلسطينية هي قضيتها الأولى، ولكن لو نظرنا للأوضاع المعيشية والسياسية لهذه الدول لوجدنا أن ما تقوله أبعد ما يكون عن الحقيقة، وحتى المنطق، فكيف تضع دول مثل مصر أو العراق أو سوريا أو حتى أية دولة خليجية، القضية الفلسطينية على رأس «قضاياها»، وهي غارقة في بحر من المشكلات والقضايا المعيشية الشائكة، وتشكو غالبيتها من عجز توفير المتطلبات اليومية الضرورية للمواطن، دع عنك الأمور الاستراتيجية، من تعليم وتسليح وتنمية وأمن؟
فلا نحن تطورنا ولا تركنا فلسطين تتطور.
***
كما كان لفساد العديد من القيادات الفلسطينية دور في تخلف الكثيرين عن الوقوف معها، وما حياة الرفاهية التي تعيشها الغالب من «سابق قياداتهم» في الخارج، و«أرامل» من مات منهم، إلا دليل على ذلك الفساد. فقد شفط «الآباء» ما استطاعوا شفطه، وساعدهم في ذلك غياب الأجهزة الرقابية ضمن القيادات التي نصبت نفسها قيمة على الشعب الفلسطيني، ولم تأت عن طريق الإرادة الشعبية. فتجارب الفلسطينيين مع الديموقراطية خلال مئة عام كانت نادرة جداً، وكانت الأولى ربما عام 1996، ولم ينتج عنها شيء على أرض الواقع. ثم جاءت انتخابات 2006، بعد إعلان القاهرة بين «الفصائل الفلسطينية»، التي حققت فيها حماس نجاحاً كبيراً، فلم يعجب ذلك بقية «الفصائل» وكان ذلك، كما أراد إخوان حماس، آخر عهد غزة، والفلسطينيين بالانتخابات!
ملاحظة: تنادت أطراف في الكويت ومن خارجها لجمع التبرعات لإغاثة أهالي غزة عن طريق جمعيات خيرية معينة. إن حدث ذلك فسيكون فساداً آخر، كما حصل في حالات سابقة. وبالتالي فإن «جمعية الهلال الأحمر» هي الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها في مثل هذه الأحوال.
وإلى مقال الغد.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw