وبعدين وياكم.. يا «الصحة»؟

لا شك أن الوضع الصحي في الدولة، من زاوية وزير الصحة والمسؤولين الآخرين، هو غالباً غير الذي نراه من زاويتنا. ويتسع التباين بين وجهتي النظر كلما زادت وتشعبت مصالحنا الشخصية أو التجارية.
فقد انتقد الكثيرون أداء جهات حكومية، ولكن ما إن تقلدوا زمام إدارتها حتى استمروا على النهج نفسه، لأنهم اكتشفوا أن الوضع من على كرسي الوزارة يختلف عنه من كرسي الديوانية.
***
كما نفتخر بكون الكويت دولة مساواة وإنسانية، ولكن هذه المقولة تم الدوس عليها مراراً وتكراراً في السنتين الماضيتين، بحيث أصبحت ممسحة أرض لا تصلح للاستخدام.

فقد نتج عن قرارات وزارة الصحة، المبررة في غالبيتها، أن تعطلت مصالح مئات آلاف المواطنين والمقيمين، وتم تقييد حرية البقية، وحُرم الجميع من العيش بطريقة طبيعية، وكل ذلك من أجل تحقيق المصلحة العامة، وربما أكون من القلة المتفقة مع كل إجراءات قيادات وزارة الصحة، وأخص بالذكر الوزير العنيد، الذي لا يود الإنصات لأي طرف، ووكيل الوزارة وبقية الطاقم، وخاصة من الأطباء، الذين بذلوا جهوداً ضخمة، فمن دونها كان الوضع سيكون مأساوياً بالفعل.

في سعي هؤلاء لتحقيق الأمن الصحي، ارتكبوا أخطاء، ولكنها كانت في مجملها غالباً غير مقصودة. وبالرغم من كثرة الانتقادات لأداء وزارة الصحة، فإنني أجزم أن أية جهة أخرى ما كان بإمكانها التصدي للجائحة من دون ارتكاب أخطاء مماثلة أو أكثر، كون كارثة الكورونا غير مسبوقة، وأسلوب مواجهتها كان من خلال «التجربة والخطأ»!
***
هدأت الأوضاع أخيراً، وبدأ الجميع يشعر بحرية تحرك شبه كاملة، وبدأ ما تبقى من مصالح تجارية يعود بصعوبة للحياة، بسبب النقص الشديد في الكفاءات، وهذا يعود للتقييد غير المبرر لسفر المقيمين وعودتهم!

فما الذي يمنع رجال أعمال أو خبراء أو مهندسي شركات مقاولات ومديرين كباراً غير كويتيين، تحتاجهم جهات عدة، ومرتبطين بعقود غاية في الأهمية، حتى مع الدولة، ووجودهم مهم لآلاف العاملين، أو لمشاريع بعشرات ملايين الدنانير، ومن الذين تلقوا التطعيم الكامل، والمعترف به من منظمة الصحة العالمية، من السفر للخارج، مع ضمان عودتهم، واستعدادهم التام للخضوع للحجر المنزلي أو الفندقي؟

منع الجميع من السفر ورفض عودة مئات آلاف «العالقين» في الخارج أمر غير إنساني، فهؤلاء بشر لهم أُسر في داخل الكويت وخارجها، ولهم ارتباطات ومصالح متشعبة، ولا يجوز أبداً استمرار حجز حريتهم في العودة ومواجهة التزاماتهم.
***
يقال، ولا أدري مدى صحة ذلك، إن الحكومة تماطل في عودة غير الكويتيين، إلى أن تنتهي إقامات أكبر عدد منهم، بحيث لا يمكن عودتهم، وبالتالي تتعدل، إلى حد ما، التركيبة السكانية!

نتمنى ألا يكون ذلك صحيحاً، ونربأ بالسلطات اللجوء إلى هذا الأسلوب العشوائي في تقليل السكان.

نتمنى من لجنة طوارئ كورونا، التي يترأسها الشيخ الفاضل حمد الجابر، العمل على تسريع عودة أكبر عدد من العالقين في الخارج، وخاصة من غير المحسوبين على الفئات الهامشية غير المطلوبة.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top