فراش البلدية والوزير الشمالي
يستخدم تعبير «كبش الفداء» scapegoat، عند الرغبة في وضع المسؤولية على جهة ما لإنقاذ آخرين أكبر، واستخدم في جلسة استجواب الوزير السابق مصطفى الشمالي، كما تكرر استخدامه في قضية تعويض شركة داو! وكبش الفداء تعبير يعود إلى الميثولوجيا الدينية اليهودية القديمة، وربما وردت قصته في العهد القديم، وتتعلق بطقس ديني يقوم فيه الراباي الأكبر، في يوم كيبور، بالتضحية بكبشين عظيمين، ينحر أحدهما على «المذبح»، ويطلق سراح الآخر في البرية، بعد تحميله بكل ذنوب الشعب اليهودي! ولو نظرنا إلى استجواب وزير المالية السابق، والذي لم نستلطفه يوما، والمسؤول ليس فقط عن إيرادات ومصاريف الدولة، بل واملاكها العقارية وشركاتها الاستثمارية واستثماراتها في الشركات المساهمة، وخطوطها الوطنية، واستثماراتها في الخارج إضافة إلى صندوق تقاعد مواطنيها، وغير ذلك، لوجدنا أنه كان من الضروري البحث عن كبش فداء للتغطية على جهة أكبر، فأن تكون مسؤولا عن كل هذه الجهات، وتكون في الوقت نفسه نظيف اليد، كما كان الشمالي، حسب علمي، أمر غير مقبول ويصعب تصديقه، في ظل كل هذا الفساد الذي نعيشه، وبالتالي لا شك في أن هناك مخالفات خطيرة وكبيرة حدثت، وكان لا بد من التغطية، وما كان ذلك ممكنا بغير التضحية بوزير مالية واحدة من أكثر دول العالم ثراء، ومرشحة لأن تكون في قائمة أكثر الدول فسادا! وبالتالي فإن آخر وأهم وزير مالية في الحكومة لم يختلف وضعه عن وضع «فراش البلدية»، أول وأشهر كبش فداء في تاريخ الكويت الحديث، والذي كان يحمل دائما بمسؤولية ما في البلدية من فساد عارم! والدليل على ما نقول ان الشمالي تمت التضحية به، وبقيت كل المسائل الخلافية على حالها!
والآن تقوم الحكومة بالبحث عن كبش فداء آخر في قضية «الداو»، ولكن التعويض الذي على المال العام دفعه كبير، ولا يمكن بلعه بسهولة، لا من خلال التضحية بكبش فداء، ولا حتى بناقة وفاء، فالشق كبير، والأمر محزن جدا، ويا ناس يكفينا سرقات كبرى وخلونا على الصغرى، فالكبرى هي التي قوت ولاتزال تقوي مواقف جهات الصراخ والسعي لإيقاف المشاريع الكبيرة!
***
● ملاحظة: هل حاولت الحكومة، أو جهة ما، سؤال السادة موسى معرفي وعبد الرحمن المحيلان وعبد الرحمن الهارون، الأعضاء في مجلس البترول الأعلى، الذين قدموا استقالاتهم احتجاجا على إلغاء عقد شركة الداو، عن حيثيات العقد واسباب استقالاتهم في حينه، أو على الأقل تثمين مواقفهم ونزاهتهم؟ لا أعتقد ذلك! وللتاريخ فقد اتصل بي اثنان منهم يوم استقالتهما، وشرحا الوضع، وتنبأ أحدهم بالكارثة!