حديث كويتي عن نهضة محمد بن سلمان
حسب وزنك يكون أثرك، ولأنَّ السعودية دولة كبرى في الإقليم، ودولة على متن العالم لا هامشه، فكل تحوّل تجترحه يفيض على منطقتها، وليس محصوراً في أسوارها الداخلية.
أول وعاء إقليمي تفيض عليه الآثار السعودية، هو الوعاء الخليجي، بسبب تقارب الثقافة وتواشج الأسر والقبائل، وتشابه مرجعيات الذوق.
من أجل هذا، وغير هذا، كان أثر الدعوة الإصلاحية العظمى التي نادى بها ولي العهد السعودي، القائد الشجاع، الذي يبحث عن مصلحة العباد والبلاد، من دون تهيّب ولا وجل، أو تسويف ومَطْل.
مرة أخرى، بل مرات أخرى، من الضرورة إنعام النظر وإمعان الفكر في حديث الأمير محمد بن سلمان في حواره الشهير الذي بثّه الإعلام السعودي وتلقفه الإعلام العربي والعالمي، وأطلق فيه دعوة صريحة وشجاعة لإصلاح الفكر الديني وميّز بنقاء نظري، بين الدين والدنيا، وأبان الدولة ومرجعها القانوني الكبير، وجلا عن وجه الدين الوضر، فبان سمحاً سهلاً واضحاً.
تجب العودة كرّة إثر كرّة، إلى أفكار الأمير محمد بن سلمان، في حواره الأخير هذا، خصوصاً مفهوم الشريعة، ومعنى الدستور، وقيمة الأحاديث النبوية، من حيث الاقتصار على القدر القليل، الثابت تواتراً أو شبه تواتر، بدلالة صريحة، وهذا يعني التخلّص من آلاف وآلاف النصوص المثقِلة لمسير الحركة، وهي نصوص، حسب تاريخ علم الحديث المعلوم، صناعة تاريخية اقتضاها نهم السياسة ووهم الصراعات.
أضرب مثلاً يسيراً بقيمة وأثر هذه الدعوات للقائد السعودي الكبير، وهو تعليق الكاتب الكويتي المخضرم أحمد الصرّاف، مؤخراً بجريدة «القبس» الكويتية، إذ قال:
«نجح الأمير محمد بن سلمان، كما سبق أن وعد، في عدم انتظار 50 عاماً لتطوير المملكة، بل تحرّك بقوة لإخراجها من شرنقة التشدد والتخلّف لتلحق، ما أمكنها ذلك، بدول العالم». ثم قال، وصدق فيما قال: «نجح في الحدّ من قوى التطرّف، حتى لو لم يكونوا إرهابيين، فهم مجرمون، فلا غلوّ في الدين».
ثم تأمل الكاتب التنويري في مسيرة عمره الثقافي بعد حديث الأمير، فباح بهذه:
«كل هذه الخطوات تشكّل ثورة لم نكن نحلم بها قبل خمس سنوات، والآن نراها تطبّق أمام أعيننا... لقد حاربت، كتابة وقولاً، وكثيرون غيري، في الترويج لهذا النهج، وتلقيت مختلف الاتهامات والتهديدات بالتكفير والقتل، والآن يأتي من لا يجرؤ أحد على تكفيره لينادي بما نادينا به لسنوات».
نعم لقد شقّ الأمير محمد لنا الطريق... لنعانق المستقبل غير هيّابين، ولا يجوز أن تفلت هذه الفرصة النادرة من يدنا، الإصلاح الفكري أولاً... ثم تأتي بقية الأمور.