رأي هيتي في صدام
نشر «كامل غني الهيتي»، وهو من محافظة الأنبار، المحسوبة من المحافظات الموالية لصدام، مقالاً عن الرئيس العراقي السابق، يمكن أن يكون الأكثر اختصاراً في وصف ذلك الحاكم الدموي، الذي لم يؤمن يوماً بسجن معارضيه، لإيمانه بأنهم سيخرجون يوماً وينقلبون عليه، فكان يتخلص منها فوراً!
يقول «الهيتي» إن تاريخ صدام العسكري بدأ كحارس أمن شخصي، وخلال فترة قصيرة وصل لمنصب رئيس جهاز حنين القمعي، ثم صار نائباً لرئيس الجمهورية، ثم ضابطاً برتبة فريق ركن، ثم رئيساً للجمهورية، وكل ذلك خلال عشر سنوات فقط. وكيف أن الدينار العراقي كان يساوي 3.3 دولارات، وهو في عهده وتالياً للحضيض.
كما كان صدام أول رئيس ينقلب على حزبه، ويعدم أبرز قياداته ويتخلّص من «كل» مثقفي العراق من دون محاكمة، وتنازل عن سيادة العراق (الكاملة) على شط العرب ليتقاسمها مع إيران، أيام الشاه.
كما أنه أول حاكم عراقي يترك الحكم مهزوماً ويختبئ بحفرة، تاركاً خلفه 400 مليار دولار ديوناً على العراق. وهو أول من ابتدع أبشع الأساليب لقتل معارضيه، هذا غير التمثيل بالأحياء من قطع لسان وبتر آذان، وجدع أنوف. (ومع هذا ورد على لسان ابنته «رغد»، في مقابلة تلفزيونية، بأن «بابا ما جان يحب الدم»)!
وهو أول رئيس دولة في التاريخ يبدأ حكمه بحرب، ويُنهيه بحرب، ويدّعي النصر ويصرخ: يا محلى النصر بعون الله!
كما منع صدام وسائل التواصل والانترنت والكتب الدينية، والكتب السياسية. كما منع الصحافة الحرة والإذاعات الخاصة، ولم يعرف العراق في عهده أية انتخابات حقيقيّة. وكان الخروج من العراق لا يتم بغير موافقة أمنية ورسوم مرتفعة.
كما كانت الخدمة العسكرية إلزامية في عهده، وكان المجند يتلقى الفتات راتباً، ويستدعى شهرين للخدمة الاحتياطية، وكان يعدم كل من يتعرض لشرف الرئيس، أو يتعرض لأحد أفراد عائلته، التي لم يتبق فيها تقريباً أحد لم يتأذَ منها في العراق.
وكان يحرم الانتماء لغير حزب البعث، ويمنع كل أنواع التظاهر السلمي ضدّ النظام.
ولأسباب تتعلق بالمزاج الشخصي، كان يمنع سماع أشرطة الداعية «أحمد الوائلي» أو سماع أغاني فؤاد سالم، أو التغني بأشعار الجواهري أو مظفر النواب.
وفي عهده التعيس اختفت كل المواد التموينية وارتفعت أسعار اللحوم والأسماك، وبلغ سعر الدجاجة نصف راتب الموظف، حسب أسعار 2003.
كما داس على كرامة الشعب العراقي، وبدد ثروته، وضربه بالغازات السامة، وهجّر الملايين من بيوتهم وقراهم التي كانوا يستوطنونها من مئات السنين، ونقلهم لمناطق تبعد مئات الكيلومترات!
وبعد كل هذا يأتي جاهل ليتحسر على زمنه، متناسياً أنه سبب كل ما حصل بعد ذلك! ويأتي أيضاً فاقد مصداقية ليصف سيره في الشارع و«كأن الكهرباء تسير معه» من قوة شخصيته، متناسياً أن الأمر يعود بكامله لخوف الناس من بطشه، وخلو قلبه من أية مشاعر رحمة أو شفقة، مع استعداده للبطش حتى بأقرب الناس إليه، فكل هذه الأمور كانت تجعل كل من هم حوله يرتجفون رعباً منه، فاعتبرها «شايف كيف» نوعاً من البطولة وعنواناً للكاريزما!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw