اخضري واصفري يا مرافق

لا أعرف أحدا في شركة المرافق العمومية غير الكاشير المصري الذي أناوله 200 فلس كلما غادرت أحد مواقف السيارات التابعة لها، ولا أعرف اسم رئيس الشركة أو مديرها العام، وفضلت عدم البحث في النت ليبقى ما سأكتبه مجردا من أي تأثير.
***
تتبع شركة المرافق العمومية الحكومة، وتدير منذ أربعين عاما أو أكثر مواقف السيارات، وغالبا داخل السور. وأخبرني صديق أن الشركة مرخصة للقيام بأنشطة كثيرة ولكنها أبعدت نفسها عن وجع الرأس، وركزت غالب أنشطتها في «إدارة المواقف»!

كما تعتبر، من واقع ما أعرفه عنها وأتلمسه كمواطن، من أكثر الشركات الحكومية سهولة في الإدارة وأقلها فائدة من الناحية التجارية. فهي تتسلم الأراضي الفضاء من أملاك الدولة وتتعاقد مع مكتب استشاري لتصميم المبنى، بطريقة ما، وتقوم بترسية عقد بناء المبنى، بطريقة ما أخرى، وتقوم بتركيب الأجهزة الإلكترونية، بطريقة ما ثالثة، وبعدها «تستريح»، فور انتهاء إدارتها من توظيف طاقم المحصلين ورجال الأمن الذين سيتكفلون بمهمة إدارة الموقف، وتنساه الإدارة تماما، كما نرى على الطبيعة.

إدارة مواقف السيارات «حلوة وسهلة»، وخالية من «أوجاع الرأس» التي تشكو منها بقية المرافق المملوكة للدولة. فواضح أن إدارة الشركة لم تشغل نفسها بعملية إجراء أية تحسينات على مبانيها النمطية، الأكثر بشاعة في العاصمة، والتي بنيت ربما عمدا دون أية لمسات جمال ولا فن، بل مجرد صندوق كونكريت بشع وسيئ التصميم غالبا، وتبع ذلك عدم اهتمام بنظافته ولا حتى كنس ممراته وسلالمه، التي تستعمل أحيانا مكانا للتبول.

ومع الوقت أصبحت مرافق شركة المرافق تشبه في «مستواها» مرافق «محطات الوقود» التابعة لشركة البترول الوطنية (الحكومية)، التي لا تصلح غالبيتها للاستخدام الآدمي، مقارنة بمحطات الوقود الخاصة.

كما أن لا أحد من كبار مسؤولي الدولة أو أعضاء مجلس الأمة، سواء من المعارضة أو الموالاة، الذين قبضوا رواتب سنة كاملة دون القيام بشيء غير توجيه اللكمات لبعضهم، يهتم بالتوسط لدى إدارة هذه الشركة لتشغيل محصل أو رجل أمن، ولا حتى محاسب. وبالتالي مسؤولوها بعيدون عن التدخلات والواسطات، والجرجرة لمجلس الأمة، أو الرد بإسهاب على تقارير ديوان المحاسبة.
***
إن هذه الشركة، ومثلها الكثير من الشركات الحكومية، بحاجة لنفضة لتقوم بدورها المطلوب على أفضل وجه، وتزيد من بناء المواقف، فبعض أطول أبراج العاصمة لا يوجد فيها موقف حتى لسيارة واحدة، لأنها بنيت قبل تغيير القانون. ولهذا نجد السيارات عند مثل هذا العمارات الشاهقة تملأ الساحات الترابية التي تحيط بها، والتي قد تكون تابعة لأملاك الدولة، فأين شركة المرافق «التعيسة» منها؟

نتمنى على إدارة هذه الشركة أن تشد حيلها وتزيد من عدد المواقف، فالوقوف في مناطق كثيرة تحت حرارة شمس تزيد عن الخمسين درجة مأساة. كما عليها بناء مواقف عصرية وخدمية ذات طابع جميل، كما رأينا في مواقف مجمع الوزارات مثلا.

ليس لنا غير التمني وأن يتحرك مسؤولو الشركة ويهتموا أكثر بـ«صحة وسلامة مواقفكم».

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top