المقالة العنصرية
العنصرية ظاهرة موجودة في جميع أنحاء العالم، وهناك بعض الدول التي تُحاول القضاء عليها من خلال فرض عقوبات مشددة. وقد تعرضت الكثير من الأقليات للاضطهاد في منطقتنا بسبب اختلافها عن الغالبية، ومن هؤلاء الشيعة والعلويون، والأرمن، والآشوريون، والبهائيون، والبربر، والأقباط، والإسماعيليون، والأكراد، والصحراويون، والتركمان، واليزيديون والنوبيون... إلخ. هذا، غير الطوائف المسيحية والمثليين وغيرهم. كما تعرض ما يماثلهم، كالسنة، للاضطهاد في المجتمعات ذات الغالبية الشيعية مثلا.
***
نشرت منى الطحاوي مقالا في جريدتي المصري والعرب القطرية، وفي جريدة النيويورك تايمز بعنوان «العنصرية: سرية العالم العربي القذر»، حيث ذكرت أنها كانت شاهدة على هجمات عنصرية لعرب مصريين على أفارقة سود، غالبيتهم من السودان «الشقيق». وقالت إن حرب دارفور العنصرية المخجلة لم تلق، طوال سنوات، أي اهتمام من العالم العربي!
وقالت إن هؤلاء العنصريين العرب أنفسهم يكادون يبكون عند سماعهم عن «الإسلاموفوبيا» في الغرب، وكيف تتعرض الأقليات المسلمة لسوء معاملة وعنصرية فيها!
كما شهدت العنصرية أبهى تجلياتها في العراق خلال الحرب العراقية–الإيرانية، حيث تمركزت ممارستها في العزل والقمع لمن تعود أصولهم لإيران، أو لكردستان.
كما أصدرت هيومن رايتس ووتش، المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان، بيانا أدانت فيه رفض بعض الدول العربية وصف الحكومة الموريتانية بأنها عنصرية، وتُميز بشدة بين مواطنيها على أساس العرق!
أما الحكومات السودانية المتعاقبة، ربما باستثناء الحالية، فقد مارست دائما القمع والتهجير والتمييز في شتى المجالات ضد كل الأقليات غير العربية وغير المسلمة فيها.
وفي تونس، هناك ممارسة ضد الأفارقة السود، والأمر نفسه نجده بقوة أكبر في ليبيا. كما يلقى الأفارقة السود والأمازيغ في المغرب معاملة سيئة جدا من الغالبية العربية
يقول الروائي كمال الرياحي، التونسي: قد يكون من المفاجئ لك أن تعلم أن الزنجي كان وما زال مُصطلحا يطلقه التونسيون على السود في بلدي! أنا أعتبر نفسي شخصا من أصل زنجي، على الرغم من أنني لست أسود، ولكني متعاطف تجاه السود من كل النواحي؛ خصوصا من ناحية الفكر والتراث والتاريخ. ونحن البيض لن نتحرر حتى نُحرر أنفسنا من الآراء العنصرية المتعشعشة في أدمغتنا، التي تقوم على كُره باقي الأجناس وأتباع الأديان الأخرى، ويضيف: في الدول العربية، لا نزال يلعن بعضنا بعضا باستعمال عبارات من قبيل «أنت يهودي» أو «أنت كردي»، وهذا تمييز عنصري وديني خطير.
وفي تونس نسخر من الليبيين، وهناك نكت تسخر من الحمصيين في سوريا، وربما العكس صحيح. ونحن العرب نحاول أن نُخفي كل هذا أو نصمت على هذا الواقع المرير مع أن هذه المسألة مهمة، وتبين أن مجتمعاتنا مريضة، وتعاني من عقدة اللون والعرق والجنس والأصل.
ففي دول الخليج نجد عنصرية ضد «الوافد» حتى لو كان مقيما من عشرات السنين ومولودا فيها، مقارنة بما نجده في الدول الغربية التي بإمكان المقيم فيها الحصول على الجنسية والتمتع بكل حقوق المواطنة بعد عدد من السنوات، كما أن عنصريتهم غير مقننة، كما هو الحال في الكثير من دولنا.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw