جمال العطاء
مررت قبل سنوات بصديق يعمل في أحد المصارف لعمل ما، وهناك أخبرني عن وقوع حادث لصبية فلسطينية تسبب في احتراق اجزاء كبيرة من جسمها، وطلب مساعدتي! مددت يدي لجيبي واخرجت كل ما فيه، من دون أن أعد المبلغ، وقلت له: هذا كل ما لدي، أرجوك لا تعد المبلغ أمامي ولا تخبرني به، فقد يكون قليلا فأحزن، وقد يكون كثيرا فأحزن أكثر! ضحكنا معا، وتركته. وفي اليوم والساعة نفسهما، وعند مروري على صديق آخر التقيت بالأخ طلال ابن صديقنا الكبير المرحوم حسين الأمير، فقال إنه كان يبحث عني ليسلمني شيكا يتعلق بحصتي من بيع فكرة شركة كنا ننوي تأسيسها! شكرته وأعطيته عنوان البيت ليرسل الشيك، وفي المساء كان بانتظاري في البيت فاكس ومغلف، الفاكس كان عبارة عن صورة ايصال بمبلغ التبرع من صديقي المصرفي يعلمني فيه بأن المبلغ الذي تبرعت به هو 283 دينارا! أما المغلف فقد احتوى على شيك بمبلغ 280 ديناراً، لمصلحتي من حصتي في شركة نسيت موضوعها كليا!
وقبل أسبوع تقريبا، وبعد كتابة مقال «لوياك»، والذي طالبت فيه بالتبرع لها، وما ذكرت عن تبرعي لها بمبلغ من المال لدعم انشطتها، اتصل بي مكتب الصديق يعقوب ليطلب مني ارسال من يتسلم شيكاً بمبلغ يمثل حصتي من ناتج تصفية حساب تفليسة شخص مدين من أيام المناخ! وعندما تسلمت الشيك تبين لي أن ما تبرعت به لـ «لوياك» يقارب كثيرا المبلغ الذي وردني من تفليسة ذلك التاجر، والذي يعود لما قبل الاحتلال.
والحقيقة أن سعادتي بتسلم شيكي الصديقين لم تكن بمثل سعادتي وأنا أتبرع لمشاريع خيرية أو تعليمية أو فنية أو أدبية مثمرة، فالعطاء ليس بحجمه، بل وأيضا بطريقة تقديمه، مع كل ما يصاحبه من شعور عميق بالراحة والانسانية، ولا أكتب هنا من قبل المباهاة، بل لتشجيع أكبر عدد من القراء على العطاء لجهات مثل: لوياك وبيت عبدالله والجهات العديدة الأخرى التي تهتم بسيئي الحظ بيننا من معاقين وذوي احتياجات خاصة، وما أكثرها، فالعطاء جميل حقا. وبخلاف الفكرة السائدة، فانني أؤمن بأن الاعلان عن التبرع يحث الآخرين على القيام بالمثل، فالتبرع بسكوت، بالرغم من مثاليته، جميل، الا أنه غالبا ما يمر من دون تأثير ايجابي على الآخرين! تبرعوا، تبرعوا تصحوا.
***
ملاحظة: يقدم المخرج العالمي سليمان البسام، عرضا لآخر مسرحياته «ودار الفلك»، على مسرح الشامية الساعة 8 من مساء اليوم وحتى الجمعة.
الدخول مجاني ولكن يتطلب الحجز المسبق، هاتف 50800468.