«سستر» وجيهة
التقيت بوجيهة قبل 5 أو 6 سنوات تقريبا، كان ذلك اثناء انشغالي مع وبجماعة «براهما كوماري» الهندية، التي أصبحت لفترة لصيقا بها، ولا أزال أكن للمنتمين لها والعاملين بها كل محبة واحترام، بعد ان تشبعت من جميل افكارهم ما كان بمقدوري تقبله. ولو وجدت كلمة يمكن أن أصف بها «وجيهة الحبيب» التي تركتنا قبل ايام بكل محبة الى الأبد، لتنافست كلمتا «الهدوء والتسامح» في وصفها، فقد كانت تأكل بهدوء وتشرب بهدوء وتتحدث وتناقش بهدوء، وتصلي صلاتها بهدوء، وتختلف معك بهدوء، ولا تسمع، أو حتى لا تتخيل سماع شيء يسيء لأحد، فتسامحها كان مضرب المثل، وهدوؤها كان يمتص كل القضايا والمشاكل التي كانت تواجهها هي و«جماعتها»، وهم في خضم الاستعداد لهذا الحفل أو تلك الخلوة، داخل الكويت او خارجها. وبالرغم من النهر الصغير الذي كان يفصلني فكريا عنها، ويجعلنا نختلف أحيانا، والذي تحول مع الوقت الى محيط، فإنها بقيت أكثر من لطيفة، الى درجة الروعة، معي، ولا أعتقد أنها كانت تبتغي شيئا مني، وحتما لم تكن تتصنع التسامح في نقاشها ولا الهدوء في تقبل اختلافي معها.
ومن واقع معرفتي أعلم أن وجيهة الحبيب، التي فارقتنا في مبكر عمرها الخلاق، قد أثرت في حياة الكثيرين ممن استمعوا لها محاضرة وأختاً ومترجمة ومربية، وهي تناقش وتتكلم في قضايا المحبة وقبول الآخر، وأعلم أن «نفسها» وكلمتها الهادئة قد لامستا شغاف قلوب الكثيرين، وخاصة الذين كانوا بحاجة لسماع ما يريح ويطمئن، فقد كانت حاضرة دائما، بالرغم من كل ما كانت تعانيه من آلام، ولا أعتقد أن شيئا ساعدها في تخطي هول اللحظات الأخيرة من حياتها أكثر من ايمانها بأن محبتها في قلوب الكثيرين ستساعدها في عودة «روحها» لهذه الحياة بشكل او بآخر.
سلام عليك يا سيدتي يا من كنت أختا وأما وشقيقة وصديقة للكثيرين من دون جهد ولا منة ولا عناء، وأن كنت رحلت عن دنيانا فإن محبتك لم تتركنا، فهي باقية ما بقيت ذكراك.
***
ملاحظة: اليوم (الخميس 23 فبراير الجاري)، من 7 الى 9 مساء، يقيم «مركز التأمل» تجمعا في فندق «جي دبليو ماريوت»، للتحدث عن المرحومة وجيهة الحبيب ودورها الايجابي في حياة الكثيرين. وقد فاضت قريحة الصديق عبدالمحسن مظفر بالأبيات الشعرية التالية:
«اني حزين على انسانةٍ
رحلت عن دارنا لديار الخلد والنعم
انسانةٍ صدقت فيما تقدمه للناس من حولها باللطف والكرم.
وجيهةٍ في محياها وطلعتها
حبيبةٍ لذوي الآمال والهمم.».