يوم قررت هجرة الجابرية

سكنت منطقة الجابرية للمرة الأولى عام 1976، وبعد نصف قرن تقريباً قررت الانتقال لمنطقة أخرى!
***
كتب الزميل والمحامي بسام العسعوسي مقالاً في القبس، تزامن نشره مع ما كان يجول بخاطري لحظتها، وتعلق موضوعه بما أصبحت المناطق السكنية تواجهه، وكيف تحولت مناطق سكنية كالعديلية والشامية والروضة والخالدية وغيرها، إلى مناطق تجارية، مخالفة للأغراض التي خصصت لها، فما يحدث من فوضى عارمة وتجاوز على القانون، وعدم اضطلاع الجهات الحكومية من بلدية ومحافظات ومختارية بمسؤولياتها وواجباتها في تطبيق القانون، أو حتى بالاستثناء على الأصل، جعل من الطبيعي تداعي أهالي بعض هذه المناطق إلى الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، ومناشدة القيادات المعنية التدخل ووضع حد للاعتداء على مناطقهم، بعد أن أصبحت المنطقة السكنية خليطاً من جمعيات دينية حزبية وسياسية تعبث بأفكار النشء وعقوله، وجمعيات نفع عام ولجان خيرية ومكاتب محاماة واستشارات هندسية وحضانات أطفال، وعيادات طبية، ومقار سفارات وقنصليات، وغيرها الكثير، مما جعلها غير آمنة لسكانها وأطفالهم، مع ازدحام المرور فيها وندرة المواقف، والضجيج المستمر، وما تسببت فيه هذه الأنشطة من رفع قيمة الأراضي السكنية فيها، إضافة إلى الضغط على البنية التحتية مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي وغيرها، المخصصة والمصممة أصلاً لمنطقة سكنية.

واستحسن الزميل المبادرة التي قامت بها اللجنة الشعبية «التطوعية» في العديلية، وطالب بتعميمها على كل المناطق السكنية الخاصة، بعد يأس الأهالي من تحرك مختاري ومحافظي هذه المناطق السكنية، وعجزهم عن فعل شيء، بعد أن تحولوا، حسب قول الزميل، لمجرد شاغلي مناصب اجتماعية للكشخة والتنفيع. كما طالب الزميل بنقل تلك التجاوزات إلى القضاء دفاعاً عن القانون أولاً، وحماية لحقوق ومصالح سكان هذه المناطق ثانياً، كي لا يتكرر لديهم ما حدث لمنطقتي الجابرية وسلوى مثلاً، فهما الدليل الأبرز على الفشل الحكومي في الحفاظ على أنظمة البناء والسكن النموذجية!
***
نزيد على ما قاله الزميل العسعوسي بأن هناك ثغرة في قانون البناء، تسمح للمواطن ببناء «شقق سكنية» على شكل عمارة كاملة على قطعة أرض مخصصة أصلاً لبناء فيلا سكنية، بحجة أنها لسكنه وأسر أبنائه! ولمنعه من تأجير الشقق يسمح له بتركيب عداد كهرباء واحد، فيقوم هذا بتأجير الشقق مع إعفاء المستأجرين من مصاريف الماء والكهرباء، فتسبب هذا المنع الأخرق في عدم اكتراث المستأجرين بتكلفتها، فارتفع الاستهلاك في هذه الشقق لمستويات عالية جداً!

كما امتد بناء هذه الشقق ليشمل مناطق غالية كضاحية عبدالله السالم والنزهة وغيرهما لمردودها الاستثماري العالي.
***
لأسباب يطول شرحها قررت ترك السكن في الجابرية، بعد نصف قرن، والانتقال للسكن في ضاحية «حصة المبارك»، كونها نموذجية بالفعل لمن هم في وضعي.

نصيحتي للمتقاعدين، سواء جاءت منحة الثلاثة آلاف دينار أم لم تأتِ، بيعوا بيوتكم الكبيرة والمكلفة والخالية، وانتقلوا للسكن في منطقة «حصة المبارك» لما تتمتع به من مزايا لا تتوافر في أية منطقة سكنية أخرى!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top