متى سيطير الطيران المدني؟
يعلم الجميع تقريباً أن إدارات وهيئات كثيرة في الدولة تشكو من تخلّف إداري كامل، وبطء شديد في اتخاذ القرارات، ومنها «الإدارة العامة للطيران المدني»، التي يعتبر عملها لعبة صغيرة مقارنة بعمل ومهام مثيلاتها في السعودية وأبوظبي وقطر، دع عنك دبي طبعاً، ومع هذا تشكو هذه الإدارة من تخلّف غير مبرر في طبيعته أو استمراريته منذ سنوات، وغالباً بسبب مستوى ومؤهلات من أداروا هذه الجهة، أو عدم رغبتهم في اتخاذ أي قرار، لاعتقادهم أن هذا يجنبهم لوم أي طرف، فقد تواصلت معهم مرات عدة أشكو من وضع أو حالة أو تأخير، وكانوا دائمي التنصّل من المسؤولية، ومبدعين فقط في وضع اللوم على هذه الجهة أو تلك!
***
ترحّب غالبية مطارات العالم بالرحلات الإضافية، لما تعنيه من دخل للدولة، وحدها إدارة الطيران المدني، التي تشرف على عدد محدود جداً من مباني الركاب، وعدد محدود آخر من رحلات الطيران، لا ترغب في الرحلات الإضافية، وتتأخّر، وغالباً عمداً، في إصدار الموافقات على طلبات شركات الطيران، بحيث تستغرق أحياناً أسابيع، بدلاً من ساعات، وغالباً بسبب الدورة المستندية الطويلة، وما يطفو على السطح من إهمال، متعمّد أو غير ذلك، فعند الاستفسار عن الطلب، تكون الأعذار بأن المدير غائب أو الرئيس مشغول في اجتماعات، فيمر وقت ويضيع الموسم، وتضيع معه فرصة التشغيل الحقيقية للرحلات، وقد تأتي الموافقة في آخر لحظة فيتكالب عليها الركاب، فترتفع أسعار «آخر لحظة»، ويدفع المواطن والمقيم ثمن أخطاء هذه الإدارة المتخلفة، التي لا نعرف كيف تُدار، ولا كيف ستدير مستقبلاً مطار الكويت الدولي الجديد، وهي بكل هذا العجز؟
***
لقد سبق أن سلمت الحكومة إدارة مبنى t4 لشركة كورية، وكانت تجربة ناجحة، فلمَ لا تفكر حكومتنا الرشيدة في تكرار التجربة، وتسليم إدارة مبنى الركاب الجديد، الذي سيتأخر تكحيل عيوننا برؤيته، لإدارة أجنبية، أو محلية مؤهلة؟
***
أضطر في أحيان كثيرة العودة إلى تجربتي المصرفية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ليس فقط لثرائها وما تعلمته منها، بل وأيضاً لعميق تأثيرها في حياتي حتى اليوم، وبعد 42 عاماً.
كانت الإدارة المصرفية الحقيقية في البنك بيد البريطانيين والهنود، أما أنا ومعي بقية الموظفين العرب، فكانت أعمال البنك الروتينية من نصيبنا، والسبب قلّة الخبرة من جهة، وعدم إتقاننا للغة الإنكليزية، لغة إنجاز معاملات البنك في الحوالات والاستثمار الأجنبي، وغيرها من إدارات مهمة.
في أحد الأيام سمعت المدير الإسكتلندي يلوم موظفاً كويتياً على عدم اكتراثه بأداء عمله، بعد أن التحق للعمل في البنك بإدارة الخزينة، وقال له بأن عليه أن يتعلّم ما يقوم هو بأدائه، لكي يأخذ مكانه عندما ينتهي عقده، وأن فشله في التعلّم يعني تجديد عقده سنة وراء أخرى!
ما أود أن أبيّنه أنه ليس مهماً فقط الاستعانة بخبرات أجنبية في قطاعات محددة، بل يجب أن تصاحبها، ضمن نصوص اتفاقيات التعاون، ضرورة قيامها بتدريب الكوادر المحلية لتحل محلها متى ما انتهت عقودها.
لقد سئمنا حقاً من انتشار الجهل الإداري بين أغلبية شبابنا، بسبب عدم الاكتراث بتدريبهم بطريقة سليمة!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw