خواطر مع المليفي والشطي
في الفترة من منتصف خمسينيات حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، كان المجتمع المدني الرجالي السني في الكويت، بكامله تقريبا، أعضاء في جمعية الإرشاد الإسلامي، أو كانوا متعاطفين معها أو مشاركين في أنشطتها، خاصة الرياضية، دون معرفة الغالبية لعلاقة الجمعية بالإخوان المسلمين في مصر. وكان المرحوم عبد العزيز العلي المطوع، يشرف على الجمعية قبل أن «يستولي» عليها الراديكاليون المسيسون، ويغيرون اسمها، بعد فترة توقف قرابة السنتين، إلى «الإصلاح الاجتماعي».
***
بدأ زخم «الإرشاد» في الكويت يخف مع صعود نجم القوميين في مصر، وتحالف جمال عبدالناصر مع الاتحاد السوفيتي، وربط مصيره بهم، وبلغ الانسحاب من الجمعية ذروته بعد «محاولة اغتيال» عبدالناصر، الذي وجد عذرا للتنكيل بهم، وسجن زعمائهم، وإعدام مفكرهم الوحيد، سيد قطب، الذي ماتت الجماعة فكريا من بعده، لكنها استمرت في التوسع بحكم الواقع، وقوّت هزائم ناصر العسكرية والسياسية شوكتها، خاصة هزيمته في اليمن وسوريا ومع إسرائيل، ولا زلت أتذكر ما قاله «محمد متولي شعراوي»، بعد وفاة ناصر، انه صلى لربه شاكرا، بعد هزيمة 1967، لانتصار السلاح الأميركي المؤمن، على السلاح السوفيتي الكافر!
بعد وفاة ناصر، أخرج السادات كوادرهم وزعماءهم من السجن، وتسبب ذلك في اغتياله تاليا على ايديهم، وبدأ نجم الإخوان في الصعود، ليس في مصر وحدها بل في غالبية الدول العربية، واستخدمتهم أنظمة إقليمية وهيئات أميركية في العبث بأمن عدد من الدول العربية، وفي ثورات الربيع العربي، تالياـ التي كاد لهيبها يصل الكويت، لولا حكمة الراحل، صباح الأحمد، وكانت تلك ثاني ضربة إخوانية للكويت، بعد موقفهم المخزي من الغزو الصدامي، وتأييدهم موقف التنظيم العالمي المضاد لتدخل الدول الغربية لتحرير الكويت.
بدأت شعلة الإخوان تخبو، بعد أن عرف الجميع خطرهم، في 14 أغسطس 2013، مع بدء القوات المصرية فض اعتصامات أنصار «رابعة»، وتتابع تراجع حظوتهم في عدة دول، خليجية وعربية وغيرها، وحدها الكويت بقيت وفية لهم، وكانت المورد الأكبر لخزانتهم، بالرغم من خطرهم!
***
منذ تأسيس الإخوان المسلمين عام 1928، وانسحابات القيادات منها لم تتوقف، سواء في مصر، الحاضنة الأم، أو الكويت، التي هجر الكثيرون عضويتها، خاصة بعد التحرير، وانكشاف موقف الإخوان من الاحتلال، وهذا دفعهم، خلافا للواقع، لإعلان قطع علاقتهم بالتنظيم الدولي، وتغيير مسماهم، لكن كل ذلك لم يمنع من تتالي الانسحابات منها، وكان اقواها وأكثرها ألما وكشفا لحقيقة الإخوان، انسحاب النائبين والوزيرين السابقين، أحمد عبدالمحسن المليفي وإسماعيل الشطي، حيث نتج عنه ردات فعل «حزينة» لدى البعض، لأن مبررات انسحابهما كشفت الغطاء عن دكتاتورية التنظيم وسطحية إدارته.
سيكون لانسحاب هؤلاء من تنظيم الإخوان وغيرهم من القيادات، أثره السلبي على الحركة، وسيؤدي حتما لانسحابات أخرى مستقبلا.
وإلى مقال الغد...
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw