خبرات المويزري في الصحة والمافيا
شن النائب شعيب المويزري هجوماً على «منظمة الصحة العالمية»، متناسياً فضلها الكبير على البشرية، والدور الخطير الذي أدته خلال جائحة كورونا، في تقليل ضحايا هذا الوباء حول العالم، وبأنها منظمة فاسدة وتسيطر عليها مافيا الدواء، ومع هذا سمحت الحكومة لها بفتح مكتب لدينا.
ذكر المويزري، في لقاء تلفزيوني، أننا والعالم مقبلون على أخطر أربع قضايا:
أولاها قضية «الشذوذ الجنسي والمثلية»، التي يحاول الغرب فرضها علينا، وهذا يخالف عاداتنا وأخلاقنا.
والقضية الثانية، هي المناخ، وهذه يحاولون أيضاً فرضها علينا بحجة الحفاظ على المناخ، وستخلق لدينا مشاكل كبيرة، لكنه لم يتبرّع بشرحها!
أما القضية الرابعة (ويبدو أنه نسي القضية الثالثة)، فهي الجائحة القادمة، التي ستكون إجراءات مكافحتها أشد وقعاً من الأولى، ودلل على ذلك بقوله إنه شارك في نقاش تلفزيوني بشأنها، لم يتبرع بذكر اسمها، ولا تاريخ اللقاء ولا أسماء من جرى النقاش معهم، ولا لغة النقاش، مع عدد من العلماء، وممثل البيت الأبيض، وأنهم قاموا خلال النقاش بإخراج مستندات تثبت أن الجائحة القادمة تهدف لقتل البشرية، بهدف جني المليار الذهبي (هكذا!!)، وأن دول الخليج مستهدفة، والقادم خطير. وسيفرض علينا في السنة القادمة استخراج البطاقة «الدولية» التي تثبت تلقينا التطعيم، ومن دونها فإن «القرارات الجديدة» التي ستصدر ستجمّد حساباتنا المصرفية، ولن نتمكن من التعامل بالبيع والشراء، حتى لو تعرضنا للجوع، ولن نستطيع السفر!
وخلص المويزري إلى أن منظمة الصحة العالمية منظمة ماسونية!!
***
يصعب على العاقل فهم كلام النائب، دع عنك تصديقه، فليس هناك أسهل من الحديث عن المؤامرات الدولية، والقوى الاستعمارية والصهيونية والماسونية العالمية التي ترغب في السيطرة علينا وتخريب معتقداتنا، فهذا كلام العاجز، ومن يريد التهرب من مواجهة الواقع ورفض حقيقة تخلفنا وجهلنا.
اتُهمت منظمة الصحة العالمية بمختلف التهم، ولكن المويزري سبق الجميع بوصفها بالماسونية، وغالباً لا يعرف ما تعنيه الكلمة.
***
بدأت الماسونية أو جمعية البنائين الأحرار freemasons كتجمع مهني بغية تحقيق مصالح المنتمين إليها، يوم كان للبناء نفوذ ودور في بناء القلاع والجسور والكنائس وغيرها، وكانوا أحراراً في تنقلهم، لا تربطهم وظيفة أو مصنع أو مزرعة.
لا يُعرف ما يكفي عن تاريخ تأسيسها، ومن كان وراء فكرتها، ولا شيء هناك عن محاضر اجتماعاتها، خصوصاً أنها اختارت السرية في عملها خوفاً من بطش السلطات الدينية، ولأن السرية كانت تعطيها جاذبية وقوة أكبر، وقد تحولت مع الوقت من جمعية للبنائين إلى منظمة عالمية لها فروع في كبرى مدن أوروبا والعالم، ولكل منها استقلاليتها الفكرية والمالية والتنظيمية الكاملة، وحتى خلافاتها وصراعاتها مع غيرها، وكانت نادياً لكبار أصحاب النفوذ، الذين كان يساعد بعضهم بعضاً، سواء في عقد الصفقات أو إقامة التحالفات الاقتصادية والسياسية، من خلال محافلها lodges المتعددة.
لعبت الماسونية دوراً كبيراً وحقيقياً في دعم حركات التنوير الأوروبية، وواجهت بشراسة الحركات السلفية البروتستانية والكاثوليكية، وآمنت بالمساواة والإخاء والحرية، من دون تفرقة بين الأديان، ولذا انضم إليها مفكرون وقادة وحكام عرب، خصوصاً من المعادين للحكم التركي، ومن هنا، ومن إيمان الماسونية بمبادئ تخالف ما يدعو إليه غلاة المتشددين، قويت شوكة المعادين لها، مع إصرارها على الاحتفاظ بسرية أعمالها وأهدافها!
أما ما يشاع عن قوتها الرهيبة، وكونها جزءاً من الحكومة العالمية التي تتحكّم بمقدرات الكون، فلا يزيد على مبالغات لم يدعمها الواقع يوماً، ومن الأدلة على ذلك أن أنظمة عسكرية وحكومات دول عادية في مصر وسوريا والعراق وغيرها منعت أنشطتها وقضت على وجودها تماماً، ولم يرف جفن أحد نتيجة لذلك.
***
يا بوثامر، خفّف عنا مقابلاتك مع الخبراء العالميين وممثلي البيت الأبيض.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw