الجاسم.. ودورة البصرة
انسحب الوفد الكويتي الرسمي، حفاظا على سلامته، من حفل افتتاح خليجي 25 المقام في مدينة البصرة، إثر وقوع فوضى نتيجة دخول أطراف غير مدعوة لمنطقة «كبار الشخصيات». وكان الوفد قد وصل إلى الملعب برئاسة ممثل سمو الأمير رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية الشيخ فهد الناصر الصباح، برفقة وزير الرياضة العراقي (أحمد المبرقع).
***
أعرب الاتحاد العراقي لكرة القدم تاليا عن أسفه الشديد لخُروج بعض الأمور التنظيميّة عن إطارها الصحيح في مراسم الافتتاح، وتقدمَ رئيس الاتحاد، «عدنان درجال»، في بيان صحافي باعتذارٍ للوفدِ الكويتي لما واجهه من صعوباتٍ في دخول ملعبِ جذع النخلة، وما نتجَ عنه من مغادرةِ رئيس الوفد، ورئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم، وأعضاء مجلس الإدارة.
وأبدَى درجال أسفه الشديد لمشاهد التدافع الجماهيريّ التي حدث داخل المقصورةِ الرئيسية، مؤكداً أن الاتحاد العراقي، وكذلك القائمين على تنظيمِ البطولة، سيضعان في الاعتبار ضرورةَ تلافي ما حدثَ لضمان ظهور العمليةِ التنظيميّةِ في أفضل صُورةٍ. وأكد أن ما حدثَ لن يؤثر على متانةِ العلاقة بين العراق والكويت، وبالأخص على المستوى الرياضي، خاصة وأن الكويت كان من أشد الداعمين لإقامةِ البُطولة في البصرة.
***
لا يمتلك كويتي، حسب فهمي، حلا لمعضلة «الحب والكُره» التي بين الكويت والعراق، سواء نتيجة الغزو الصدامي للكويت، وما سبقه من أحداث أمنية ونكسات، أو ما وقع بعد التحرير من تصرفات واعتداءات لا مجال لسردها، فليست هناك معادلة أو فورميولا يمكن باتباعها عودة العلاقات للوضع الطبيعي، وهو الوضع الذي لم يحصل من قبل، طالما أن هناك «مجنون» في ذلك الطرف يعتقد أن الكويت جزء من العراق! ومجنون مماثل في الطرف الآخر يعتقد أن بإمكان الكويت تجاهل وضع العراق، والاستمرار في معاداته، وعدم الاكتراث لما يعانيه. وبالتالي ليس أمام «عقلاء» الطرفين غير الاستمرار، بهدوء وترو، في ردم هوة الخلافات بين الدولتين، أو بالأحرى ردم هوة الشكوك، وإنهاء الخرافات التاريخية، ودعم الأطراف والشخصيات المعتدلة، وإشراكها في مختلف الفعاليات، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، والاستفادة من ثروات العراق المهدورة، والاستثمار في مشاريع مشتركة حتى لو كانت من غير مردود، طالما أنها تسهم في تعزيز العلاقة بين الدولتين والشعبين من خلال تمتين المصالح بينهما.
***
إن ما حدث في حفل افتتاح الدورة الـ25 حصل ويحصل ما يماثله، وأكثر منه في أكثر من مناسبة مماثلة، وما على الجانب الكويتي، بعد صدور الاعتذار عما حدث من أكثر من طرف، وتعهد وزير الداخلية بعدم تكرار الفوضى، غير العودة، والمشاركة رسميا في الفعاليات الرياضية، فحصتنا، من الربح والخسارة، هي الأكبر. كما أننا معنيون أكثر من أي طرف آخر، بخلاف الدولة المضيفة، بنجاح هذه الدورة وتحقيق أهدافها الأخوية المرجوة.
ملاحظة أخيرة: اعتدنا، تاريخيا، على إرسال صفوة دبلوماسيينا، والوزراء السابقين وأصحاب الخبرات، لتمثيلنا في دول الحزام الذهبي، التي يتوق غالبية الدبلوماسيين للعمل بها، كدول أوروبا الكبرى وبريطانيا وأميركا، ودولتين عربيتين.
لسبب أو لآخر، لم نعط، منذ التحرير وحتى اليوم، أهمية كافية لنوعية من يمثلنا في العراق، الدولة الأكثر حساسية بالنسبة لنا، مع كامل الاحترام لسفيرنا هناك. وبهذه المناسبة استذكرت نوعية سفيرنا الراحل «أحمد عبدالعزيز الجاسم»، الذي كان نشطا وفريدا في علاقاته المتشعبة مع كل الأطراف في الدولة التي كان سفيرا فيها!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw