منصة الهنيدي وفيلكا ومدائن صالح

عامر الهنيدي رجل أعمال معروف، حَوّل جزءا من وقته وجهده وماله لخدمة وطنه ثقافيا وفنيا عن طريق تخصيص مساحة كبيرة في مبنى الشويخ، لعرض الأعمال الفنية لمشاهير الفنانين، محليين وعالميين، وكانت آخر مغامراته، وربما أكثرها نجاحا، حتى الآن، معرض «الإسكندر الأكبر في الكويت»، الذي لا يزال يلقى إقبالا دفعه لتمديد عرضه لثلاثة أشهر، والتفكير في نقله لحواضر خليجية أخرى.

 معرض cap بعنوان الإسكندر الأكبر في الكويت هو مجرد اسم وضع لإثارة الفضول وفتح المناقشات حول تاريخ جزيرة فيلكا، التي استوطنها جنود الإسكندر الأكبر، وأنشأوا فيها أول بناء في تاريخ الكويت، وأمر الإسكندر (356 ق.م – 323 ق.م) بتسميتها «إيكاريا» أو «إيكاروس»، حسب وثائق تاريخية قديمة معتمدة.
***
قام الهنيدي، بما يفترض أن يقوم به شخص محب للفن، من خلال المعرض بفتح حوار حقيقي بين ثقافتين، كويتية عربية ويونانية قديمة ومعاصرة. كما قام بعرض 70 عملاً فنياً عن الإسكندر الأكبر للفنان العالمي ماكيس وارلاميس makis warlamis (1942-2016) استعيرت من متحف الفن النمساوي.

أقيم المعرض تحت رعاية سفير اليونان في الكويت د. كونستانتينوس بيبيريجوس، وحضره وزراء من اليونان والكويت. وكان لمدير المشروع بول تروخوبولس مساهماته الواضحة في نجاح الفكرة.
***
الحضور الكثيف نسبيا، والمستمر للمعرض، أثبت مدى تعطش المجتمع المحلي لمثل هذه الأنشطة الثقافية، وضرورة الاهتمام بتاريخنا ومواقعنا والاستفادة سياحيا من جزيرة فيلكا وآثارها وإمكانياتها، التي أهملت طويلا، بشكل محزن بالفعل، فمنذ نصف قرن والحكومة لم تتوقف عن الحديث عن تطويرها وجعلها قاعدة أو رأس حربة تحويل الكويت لمنطقة سياحية.. عالمية!
***
في المقابل، قامت سلطات السياحة السعودية بصرف مبلغ 20 مليار دولار لتطوير مشروع «العلا»، أو مدائن صالح، وهو موقع أثري قريب من المدينة المنورة، وعلى الطريق الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية ببلاد الرافدين وبلاد الشام، ومنها للسلطنة العثمانية من جهة، ومصر، من الجهة الأخرى.

على الرغم من شهرة المكان وجمال آثاره، إلا أنه أهمل لسنوات طوال، لكنه أصبح الآن مقصدا سياحيا، طوال العام، ينافس كل المواقع السياحية الأخرى في المنطقة، بما فيها من آثار وإمكانيات كبيرة، خاصة أن ذكرها، بتسميتها القديمة «حُجُر»، ورد في عشرات الكتب التاريخية والدينية القديمة، كونها موطن قوم ثمود، والنبي صالح.

تبعد العلا 500 كلم عن مدينة البتراء الأردنية التاريخية، وتقع على خط سكة الحجاز، الذي قامت قوات الثورة العربية، بإمرة لورنس، بتدميره خلال الحرب العالمية الأولى، في أوج الثورة العربية، وتم مؤخرا ترميم كل مرافق المحطة التاريخية، عبر امتداد نصف كلم تقريبا.

كما اتفقت السعودية مع أكبر مجموعة فندقية في أوروبا، لبناء وتشغيل منتجع العلا السياحي، وأصبح اليوم مقصدا سياحيا رائعا، وسيساهم حتما في إنعاش تلك المنطقة وتحسن معيشة سكانها، وخلق مورد مالي كبير للدولة، بعيدا عن النفط‮. ‬

الجيران يتحركون بتسارع مُسَرّ، ونحن نتحرك بتباطؤ محزن!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top