السكوت.. علامة القبول

يفترض في مراسم عقد الزواج الإسلامية أن سكوت الفتاة عن الإجابة هو نوع من الخفر، ويعني القبول. وسكوت المعلقين والمهتمين بالشأن العام والدعاة والسياسيين عن أمر جلل، وعدم تصديهم للحديث أو التعليق على كارثة يعني عدم اكتراثهم بها، أو قبولهم، الضمني، بالأمر.
 ***
لأفغانستان تاريخ طويل من عدم المساواة بين الجنسين. وتواجه النساء والفتيات فيها عوائق كبيرة في ما يتعلق بالتعليم والحقوق الأساسية الأخرى، بما في ذلك عدم القدرة على السفر أو العمل، وكانت آخر «قوانين» طالبان، إبقاء المرأة في المنزل، وحرمانها من الدراسة، وسيكون لهذا القرار أثره المدمر على تقدمهن، فنسبة المتعلمات في أفغانستان لا تزيد على %12 فقط، وهي في تناقص. كما يمارس النظام شتى أنواع العنف ضدها، ويجبرها على لبس الرداء النسوي الأفغاني الذي يغطيها بالكامل، ولا ترى الحياة، خارج منزلها، إلا من خلال بضعة ثقوب في غطاء الرأس! والقلة القليلة التي تذهب للمدرسة، من الفتيات الصغيرات، تتعرض للتحرش والتمييز المستمرين، وهذا دفع أهاليهن إلى منعهن من الذهاب للمدرسة.

ولأهمية التعليم لأي إنسان في هذا العصر الشديد التعقيد، فقد لجأ أفراد يتسمون بقدر كبير من الشجاعة، والتهور، لتوفير تعليم الفتيات الأفغانيات في الخفاء، وانكشاف ذلك يعد جريمة. ولكن يبدو أن الأمر يستحق من البعض المخاطرة، والإبداع في إيجاد طرق تجميع الفتيات وتدريسهن بسرية، إما في منازل تتغير يومياً، أو عبر الإنترنت، مع استخدام الرموز السرية للتواصل مع الطالبات.
***
السؤال الذي يقلقني، ولا شك أنه يقلق الكثير عن سبب صمت رجال الدين، من شيعة وسنة، وأعدادهم بالآلاف، عن إدانة فعل حركة طالبان التي تحكم أفغانستان؟

ألا يعتبرون تحريم الفتيات من تلقي التعليم العالي جريمة بحقهن؟

هل منع المرأة من الخروج من بيتها، أو السماح لها بالسفر من غير محرم، في هذا العصر الذي نحن فيه، أمر يمكن أن يقبله العقل الرشيد؟

ماذا تفعل المرأة التي لا معين لها، ولا محرم ولا مال لديها يقيها مذلة السؤال؟ وكيف تطعم نفسها وأبناءها، دع عنك تلبية بقية احتياجاتها؟

إن سكوت جماهير من يسمون بالعلماء، والمؤسسات الدينية، وأصحاب العمائم عما يجري في أفغانستان جريمة، وإدانة لكل رجل دين صمت ولم يعترض بكلمة على قوانين طالبان الجائرة والتعسفية.
***
وصفت الهيئة الخيرية في ردها اتهاماتنا بأنها جزافية ومرسلة!

وهذا ردنا في 5 نقاط:

أولاً: لولا يقظة وأمانة السفير غسان الزواوي، الذي كشف حادثة النصب التي تعلقت ببيع الأرض، فلربما بقينا حتى اليوم لا نعرف عن السرقة شيئاً.

ثانياً: القول بأن الهيئة تخضع لرقابة وزارات الأوقاف والشؤون والخارجية، كلام غير صحيح وسمج وشهادة ضدها. فالجهة الوحيدة، حسب قانون الهيئة، التي «يحق لها» الرقابة عليها هي الأوقاف. ولتحييدها تم تعيين وكيلها عضواً في مجلس إدارة الهيئة، بمكافأة دسمة، في تضارب مصالح صارخ.

ثالثاً: وجود تدقيق خارجي، مهما علا شأنه، غير ضروري، فالجهة الوحيدة التي تراقب أعمال الهيئة، هي الأوقاف، التي غلّت الهيئة يدها تماماً، وأتحدى أية جهة تبرز تقاريرها للسنوات الـ38 الماضية.

رابعاً: وردت الفقرة التالية في حكم محكمة التمييز:

وجد فريق التدقيق (على واقعة بيع الأرض محل الشكوى) الكثير من الوقائع التي تسببت في ضياع أموال الهيئة، منها مشاريع خيرية لا يعلم بالتحديد مصيرها، مثل تسهيل الاستيلاء على قرض لم يسترد أصله بمبلغ 197 ألف دولار.. وغير ذلك من اتهامات جسيمة ومخالفات مالية خطيرة وردت في حكم المحكمة بدقة، وضيق المجال لا يسمح بسردها، فأين كانت مكاتب التدقيق الداخلية والخارجية، العالمية والمحلية، والوزارات الثلاث عن كل هذه المخالفات، التي انكشفت «فقط» مع افتضاح أمر بيع الأرض؟

خامساً: رداً على دعوة الهيئة لزيارتها، فإننا ندعوها لزيارتنا في «جمعية الصداقة الكويتية الإنسانية»، للاطلاع على طريقة إدارة جمعية خيرية، بإنصاف وتجرّد.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top