يا سيدتي.. أنقذي نصف مليون مساهم!
تولّى حقيبة «الشؤون» ما يقارب الثلاثين وزيراً منذ الاستقلال، قام نصفهم، على الأقل، بإحالة أعضاء مجلس إدارة جمعية تعاونية أو أكثر إلى النيابة، وآخرهم وزيرة الشؤون الحالية، معالي السيدة مي البغلي، التي أحالت سبعة مجالس إدارات جمعيات تعاونية و36 موظفاً فيها إلى النيابة العامة، بتهم إهدار المال العام والاعتداء على أموال المساهمين، ولوجود شبهة فساد وتلاعب بحقهم، وبسبب مخالفاتهم الإدارية والمالية.
***
يقول صديقي، الذي يتعامل منذ نصف قرن مع عدد كبير من الجمعيات التعاونية، قلة منها فقط لا تشكل صداعاً له ولبقية الموردين. فجميعها تبالغ في طلب بضائع مجانية عند عرض أية بضائع جديدة عليها، وهي بدعة سخيفة لا تعرفها الأسواق المركزية، مثل «سلطان» و«لولو».
كما أن هذه الأسواق الخاصة تحرص على التخزين الجيد، ولا تعيد التالف للمورد، إلا في أضيق الحدود، وعكس ذلك في كل الجمعيات التعاونية، حيث إن التالف لديها كبير دائماً.
كما تقوم غالبية الأسواق المركزية بسداد ما عليها في فترات منتظمة، وهذا عكس ما هو سائد مع الجمعيات التي تتأخر، وغالباً عمداً، عن سداد مستحقات الموردين، ولفترات تمتد أحياناً لسنة، وغالباً أيضاً لدفع المورد إلى اللجوء لمؤسسات مالية محددة، لتحصيل قيمة فواتيرهم منها، بنسبة خصم %5 من قيمتها، مقابل تعجيل الدفع.
لا تدرك هذه الجمعيات، أو ربما تدرك، أن تكاليف سوء خدماتها وتخزينها وتأخرها في السداد، وما تطالب به من بضائع مجانية والتالف، يتحملها في النهاية المستهلك، المساهم في الجمعية، وليس التاجر، الذي يقوم عادة بتحميل السلعة تكاليف هذه الأمور، وهذا ما يرفع أسعار المواد في الجمعيات التعاونية، من دون سبب منطقي، ويجعل منافساتها من الأسواق المركزية في وضع أفضل. ولو عجلت كل جمعية في مدفوعاتها للموردين، ورفعت من مستوى التخزين، ولو قليلاً، وتوقفت عن المطالبة ببضائع مجانية، لانخفضت أسعار جميع المواد فيها بنسبة كبيرة.
إن وزيرة الشؤون مطالبة بتفعيل رقابتها على الجمعيات، والضغط على اتحاد الجمعيات للنظر في المسائل أعلاه، فليس من المعقول أن تكون أرض أي جمعية ومبانيها والكثير مما قدمته الدولة لها من خدمات.. مجانيةً، ومع هذا لا يحصل المساهم فيها على مواد وأسعار أفضل من كل أو أغلبية الأسواق المركزية!
كما أن الخدمات التي تقدمها الجمعيات لمساهميها متواضعة جداً، ولا تتناسب مع أرباحها، فدورات المياه في الكثير منها لا تقل سوءاً عن مثيلاتها في محطات تعبئة الوقود، وكأن المتسوقين والعاملين في الجمعية لا يستحقون شيئاً نظيفاً بمستوى ما هو متوافر في المولات.. مثلاً!
***
ختم صديقي التاجر كلامه بأن فكرة الجمعيات التعاونية أصبحت بالية ومصدر تربّح غير مشروع لمديري ومجالس إدارات الكثير منها. وفلسفتها أو طريقة عملها بحاجة إلى تغيير جذري. كما يتطلب الأمر تغليظ عقوبة المعتدين على أموالها، خصوصاً إن كانوا من الذين اؤتمنوا عليها، وهذه من مهام وزيرة الشؤون الحالية، التي أبدت جدية في علاج بعض الأوضاع الخربة والفاسدة في الكثير منها.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw