«خيازرين» الحكومة
منذ سنوات، وكلما ساءت أحوالنا السياسية، وخربت أوضاعنا الاقتصادية، وتلفت شوارعنا، وشحّت موازنتنا، وازدهرت أمور جيراننا، وتقدمت علينا شقيقاتنا، كانت فكرة التخلّص من الديموقراطية والعودة إلى حكم الفرد تلح بضرورة قيامي بتبنيها والكتابة عنها، والإشادة بمزاياها، وما سينتج عنها من فرحة التخلّص من وجوه كالحة، وأفكار نيابية سقيمة، وتأخير في التشريع، والتخلّص من السخيف والبالي من المقترحات، والمتشدد من القوانين، وغير ذلك من منغصات ومكدرات للفكر والنفس والبدن!
لكن، لحسن الحظ، كان يحدث دائماً ما يعيدني ثانية إلى سابق آرائي وتمسّكي بالديموقراطية، والدستور والحريات، وفضائل الأسرة التي عرفناها على مر السنين، بصورتها المقبولة والمريحة، بعد أن أصبحت الحرية جزءاً من شخصياتنا وأسلوب حياتنا.
كان آخر تلك الأجراس المنذرة، والمنفرة، ما جاء على لسان أحد الشيوخ في مقابلة تلفزيونية، وما رسمه من صورة عما ستكون عليه الأوضاع، بنظره، متى ما أوقف العمل بالدستور، وتم حل البرلمان، ووقف العمل بمؤسسات الدولة، القضائية والتشريعية!
من طبائع الأمور ألا حكومة في العالم، من دون استثناء، تشعر بالراحة لوجود من يراقب أعمالها ويحاسبها ويسائلها، ويطالب باستقالتها. لكن العقلاء يعلمون أن هذا أفضل ما استقر عليه رأي غالبية الدول المتقدمة لإدارة أي دولة، ولا مناص بغير الاقتداء بالعقلاء، والاتعاظ بتجارب الأمم، فكل سلطة مطلقة ترقد في ثنياها مفسدة مطلقة. ومن يكن اليوم رئيساً ناهياً آمراً، من دون حسيب ولا رقيب، فسيصبح أول من يشتكي من غياب العدالة، متى ما أصبح خارج الرئاسة.
لقد رضينا بديموقراطيتنا، وكانت دائماً مصدر فخرنا وتميُّزِنا عن الآخرين، على الرغم من كل مثالبها، ولكن الكفر بها يقترب، ومن هنا نطالب بالتمسك بها بنواجذنا، ليس خوفاً من عودة «عهد الخيازرين»، فهذا شيء من الماضي، بل لما قد يجره الأمر من خراب.. على الجميع!
***
تقول أبيات شعر حزينة للمواطن مبارك نايف أبوظهير:
يا رجال الكويت المخلصين، وينكم والدار قامت تدمر. وينكم يا الطيبين الغلاة. البلاد اليوم في وضع الخطر. كونوا لشيخ البلد نعم المعين شاركوه الرأي حتى نستقر. وين ابن رومي وابن معجل وابن غانم والقضيبي والبحر. وين ابن مرزوق والخالد وبهبهاني والكليب، أهل السطر. وين ابن شملان وابن رشيد وين أبو طيبان، يا حي الذكر. وين ابن دبوس وينك يا الديين. والرفاعي والصبيح وابن بدر. وين ابن سعدون والبابطين وابن ساير والعجيل وابن خضر، وين ابن فجان ابن خطلة اليمين. وين ابن روضان وينك يا الصقر وين ابن عثمان، نسل الطيبين. والخرافي وبن سلامة والعمر والعتيقي والخطيب، وابن حسين والمضف، والنصف والمطر والمعوشرجي، سليل الفايزين بالكرم والدين وعلوم الظفر، والقلاليف وبعد ابن سالمين يا أهل الفزعات، يا سباع البحر. وين المتروك والفارس ومعرفي والكاظمي والغنيم وين ابن بشر والجناعات الرجال الحاملين، مرخصين كل العمر، والمشاري والحمد عبر السنين، وللصعاب عندهم رأي وفكر. والمليفي وابن غملاس الرزين والكبار إللي لهم شأن وقدر. يالقبايل، أنتم الجنب المتين، فعلكم يشهد له القصر الحمر. وينكم يا أهل الكويت الراشدين. يلي العوايل كلكم بدو وحضر، وإن نسيت البعض الله المعين لا تلوموني ترى ضاع الفكر. الكويت اليوم فيكم تستعين وينكم يا ناس مليان الصبر أنقذوها من فعول العابثين. أفزعوا وأنتم لها محزم ظهر، الكويت اليوم خاطرها حزين، وينكم والدار قامت تحتضر، يا ولاة الأمر يا سباع العرين شعبكم يحتاج توضيح الأمر.. شعبكم يحتاج توضيح الأمر!
***
نعود ونكرر ما سبق أن طالبنا به من أن التمسك بالديموقراطية يعني القبول بمخرجاتها، وهذا القبول لا يمكن أن يتحقق بغير مراجعة ملفات كل من منحوا الجنسية من «الدرجة الأولى» منذ ما بعد التحرير، وحتى اليوم، وبغير ذلك لا طبنا ولا غدا الشر!
***
ملاحظة: يبدو أن البعض وجد في مقال يوم الجمعة «حلم المشاري» إساءة لفئة كريمة وعزيزة علينا من سكان «الشويخ ب»!
لم نقصد بالمقال توجيه أي إهانة لأي طرف، بل كانت دعابة بريئة، فلهم جميعاً كامل الاحترام، مع اعتذارنا عن أي إساءة، غير مقصودة!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw