خط شمندفر الحجاز ومعهد القادة

في عام 1900 قامت السلطة العثمانية ببناء خط سكة حديد يربط بين دمشق والمدينة المنورة، لنقل الحجاج والجنود، وأداء بعض الخدمات العسكرية، وأصبح الخط جاهزاً عام 1908، لكن سرعان ما تعرض للكثير من الأضرار والتخريب خلال الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، وفي 1917 انضم لورانس إلى الثوار، وحرضهم على نسف الخط، ومنذ ذلك الحين لم تفلح كل محاولات إعادة تشغيله!

كان الخط ينطلق من دمشق، ويتفرع من بصرى جنوب سوريا إلى خطين، أحدهما يصل إلى الجنوب نحو الأردن، أما الآخر فكان يتجه غرباً نحو فلسطين، ويتفرع من حيفا إلى مصر.

كان مسار خط الحج ينطلق من مدينة دمشق ويعبر سهل حوران ويمر بالمزيريب، إضافة إلى عدد من المناطق الواقعة جنوب سوريا، وصولاً إلى مدينة درعا ثم إلى الأردن حيث يمر بكلٍّ من المفرق والزرقاء وعمان ومعان، على التوالي، ثم يدخل الحجاز وينتهي في المدينة!
***
كما قام العثمانيون، قبل 130 عاماً تقريباً، ببناء أول سكة حديد، أو «سكة شمندفر» في لبنان، تربط بيروت بدمشق، وشمل الخط تالياً مدناً لبنانية أخرى، لكن شرطتها الحكومية أفلست مع خراب لبنان الذي بدأ عام 1975، لكن أعضاء الجهة المشرفة على الخط استمروا في قبض رواتبهم من الدولة حتى فترة قريبة، على الرغم من مرور نصف قرن على إفلاس السكة!

ذكرني وضعهم بوضع ما يسمى «مركز عبدالله السالم لإعداد القادة»، الذي تأسس عام 1966، وغالباً فشل في عمله تماماً، وهذا ما دفع الحكومة لتحويل الإشراف عليه لهيئة الشباب والرياضة، ليستمر دفع الرواتب وبقية الامتيازات للجهة المشرفة عليه.

كان بإمكان هذا المركز، بعد تغيير تسميته الفاشلة، ليصبح مركز إعداد القياديين، القيام بالكثير لتأهيل وإعداد من يتم اختيارهم كوكلاء ومديرين ورؤساء هيئات، ليصبحوا جديرين بتولي مناصبهم، بدلاً من المستوى المتواضع جداً الذي نجده في غالبية من يتولون المناصب القيادية. كما كان بإمكان هذا المركز أيضاً توفير التدريب اللازم للنواب الجدد، وشرح متطلبات العمل النيابي لهم، خاصة أن بينهم من «يمتاز بأنه يقرأ ويكتب»!

ومن المعروف أن الأعضاء المنتخبين حديثاً لعضوية الكونغرس في أميركا ينخرطون في برامج توجيهية، قبل أن يبدؤوا واجباتهم الرسمية، كممثلين أو أعضاء في مجلس الشيوخ، بغية تعريفهم بعمليات وإجراءات الكونغرس، وتزويدهم بالموارد والدعم لتنفيذ مسؤولياتهم بشكل فعال. ويتلقى غالبيتهم دورات تدريبية حول مختلف جوانب العمليات، ويطلعون على الإجراءات التشريعية، ومهام اللجان، ودور الموظفين، وقواعد الأخلاق والمبادئ التوجيهية، والموارد المتاحة لهم، والتعرف على الأعضاء ذوي الخبرة والموظفين الرئيسيين في المجلس الذين يمكنهم تقديم التوجيه والإجابة عن أسئلتهم، وتزويدهم بالمعرفة والأدوات اللازمة للتنقل في العملية التشريعية بفعالية والوفاء بواجباتهم كممثلين أو أعضاء في مجلس الشيوخ!

ربما سنحلم طويلاً بوجود مثل هذا الترتيب والتدريب المبدئي للأعضاء الجدد، الذي نحن بأمس الحاجة إليه، خاصة للنواب الجدد، أو الذين سيتم انتخابهم خلال أيام. كما نتمنى على رئيس المجلس القادم النظر في إقرار هذه الفكرة، فغالبية الأعضاء بحاجة ماسة لهذا النوع من التدريب، أكثر من حاجة أعضاء الكونغرس الجدد له.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top