جامعتان في واحدة
لو أردنا تلخيص سبب كل مآسينا وحروبنا العبثية واختلافاتنا حول القضايا العرقية والطائفية والدينية في كلمة واحدة لما وجدنا كلمة أكثر دقة من «الجهل»! ولو علمنا اننا نعيش في بداية الألفية الثالثة من التاريخ الحديث، التي بإمكان أي فرد فيها، تقريبا، الحصول على ما يحتاج من علم ومعرفة من مصادر عدة، لوجدنا أن بقاء مجتمعاتنا جاهلة جريمة لا تغتفر. وليس هناك من وسيلة للقضاء على الجهل بصورة فعالة غير طريق التعلم النظامي، الذي يمكن أن يكون طريقا، في مرحلة تالية، للقضاء على الجهل!
وعلى ضوء فشل كل مؤسسات الدولة التعليمية العليا في استيعاب مخرجات ثانوية هذا العام، دع عنك الأعوام القادمة، فإن هذا يشكل أكبر دليل على فشلنا، أو ربما عدم رغبتنا، في القضاء على الجهل، وهو الهدف الذي ربما كان في بال من أسسوا المدرسة المباركية قبل مائة عام. فبعد عشرة عقود من التعليم النظامي لم نستطع ترسيخ حس المواطنة الحقيقي في أفئدة أبنائنا، وبالتالي بقي جهل كل طائفة وفريق وفريج بمن يجاوره أو يشاركه الحي نفسه هو السائد. فكيف يمكن، وبعد قرن من التعليم النظامي، وصرف عشرات مليارات الدولارات على التعليم، أن نصل لهذا المأزق التعليمي؟ أليس الجهل بحقيقة أوضاعنا التعليمية وتطورنا السكاني واحتياجاتنا من مخرجات الجامعات هو السبب؟ وإن فشلنا بعد كل سنوات «الجهاد والاجتهاد» هذه في معرفة أن الجهل هو عدونا الحقيقي، فمتى سنعرف ذلك؟ وكيف يمكن أن يقبل أي عاقل على صرف أكثر من مليار دولار، من المال العام، على بناء جامعة جديدة في الشدادية تتسع بالكاد لثلاثين ألف طالب، في الوقت الذي يمكنها استيعاب 60 ألف طالب بكل سهولة، إن قمنا برمي قانون منع الاختلاط في سلة القمامة؟
إن قانون الفصل الجنسي هذا لن يصمد لسنة التطور إلى ما لا نهاية، لأنه، ببساطة، يخالف المنطق والعقل والفطرة البشرية، فقد اعتاد الناس العيش بعضهم مع بعض، وهذا هو الطبيعي وهو الأساس، وفصلهم هو الشاذ، وما نحتاجه هنا هو بعض من عودة الوعي لدى السلطة، التي بإمكانها تغيير القانون بمرسوم، ودفع مجلس الأمة في مرحلة لاحقة لإقراره!
ملاحظة: في ديسمبر 2011 ستحل الذكرى المئوية لتأسيس المدرسة المباركية، فهل ستتولى جهة ما مسؤولية الاهتمام بهذه المناسبة العظيمة؟.