لم تتعرض مؤسسة علمية للنقد والقدح والتشكيك كجامعة الكويت، وكانت آخر مصائبها صرف 12 مليار دولار على مبناها الجديد الذي تكلف أضعاف أضعاف ما كان متوقعاً، من مال ووقت، والسبب غالباً ليس خراب إدارتها، بل وخراب الإدارة الحكومية، التي عادة ما تشعر بالعجز، لأسباب معروفة، عند اضطرارها للتصدي لقضايا التعليم والطب والعلوم، علماً بأن بقاء جهاز الدولة الإداري على تخلفه، به فائدة كبيرة لجهات عدة!

قامت الجامعة قبل فترة بتشكل لجنة لم يعرف عن بعض أعضائها الحياد، للنظر في دمج، أو إغلاق «كلية الصحة العامة» بحجة عدم جدواها.

لوحظ، من مراجعة خلفية بعض أعضاء اللجنة، أنه لا أحد منهم تقريباً مختص أو خبير بقضايا «الصحة العامة»، أو يمثل وزارة الصحة، بل كانوا في غالبيتهم من مرؤوسي من تولى رئاسة اللجنة.

بعد مقابلة اللجنة للمعنيين، من أعضاء هيئة التدريس بكلية الصحة العامة للوقوف على رأيهم فيما يتعلق بمقترح الإغلاق، أبدت الغالبية رفضها للمقترح. وقام هؤلاء بتعزيز رفضهم بكتاب يبين حقيقة موقفهم. ويقال إن اللجنة تجاهلت الكتاب، ولم تضمِّن تقريرها النهائي شيئاً من محتواه!

جاء على رأس قائمة الأسباب الداعية لإغلاق الكلية ارتفاع تكلفة دراسة الطالب فيها، بكونه الأعلى بالجامعة بعد تكلفة طالب طب الأسنان!

لعدم ثقة بعض أكاديمي كلية الصحة العامة بما ورد في التقرير، بحثوا في الأمر، فتبين لهم أن سبب ارتفاع تكلفة يعود لقيام الإدارة باحتساب تكلفة مبنى الكلية الجديد، ضمن تكلفة الطالب (!!)، وهذا ما أكده تالياً مدير الجامعة بالإنابة، الأستاذ فهد الدبيس!

كما يقول مؤيدو الإغلاق إن هناك ضعفاً في الالتحاق بالكلية من الطلبة المستجدين، وهذا صحيح والسبب يعود إلى عجز إدارة الجامعة عن تسويق الالتحاق بها وأهمية تخصصاتها، مع عجزها عن وقف سيل الإشاعات عن وجود نية لإغلاقها، وهذا دفع الطلبة، من الجنسين، إلى عدم التسجيل فيها، فلا طالب عاقلاً يود الدراسة في كلية تتوجه الجامعة لإغلاقها.

كما أن النقص الكبير في عدد القوى العاملة بالكلية يعود أساساً لرفض إدارة الجامعة، منذ جائحة كوفيد 19، تعيين أي أكاديمي بدرجة دكتور في الكلية، لسبب معروف طبعاً. كما تم «تطفيش» وإنهاء خدمات عدد كبير من الأكاديميين، غير الكويتيين، العاملين في الكلية، وهذا أثر سلباً فيها، خصوصاً أنها كلية حديثة وصغيرة. فكيف لها أن تستمر من غير كوادر جديدة؟!
***
لا يزال موضوع إغلاق الكلية معلقاً، ولكن إهمال إدارة الجامعة لها أثَّر كثيراً في سمعتها ومستواها، خاصة مع استمرار تدوير وإقالة وتعيين القياديين الجدد فيها، وهذا أثر في كامل خطط تطويرها وبعثاتها.
***
في خبر موازٍ لقرار إغلاق الكلية، قامت الجامعة الأميركية للشرق الأوسط aum، التي أصبحت رائدة في ميادين عدة، باتخاذ خطوة ذكية بالإعلان عن افتتاح كلية العلوم الصحية، باتجاه معاكس لقرار جامعة الكويت، لعلمها، وهي الأكثر ذكاء من الجامعة، بمدى الحاجة لمخرجات هذه الكلية!

هنيئاً للجامعة الأميركية بقرارها الصائب، ولا عزاء لطلبة كلية الصحة العامة.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw