تقلّبات وليد الطبطبائي
يقول تشرشل: يموت الناس مرة واحدة، إلا السياسي فإنه يموت مرات عدة! ولم تنطبق هذه المقولة على أحد أكثر من تشرشل نفسه، الذي عرف الصعود والهبوط في السياسة، والنجاح والفشل فيها كما لم يعرفه سياسي بريطاني آخر. لكن للسياسة أيضاً أصولها وأخلاقها، والتزام السياسي الحصيف والشريف بمبادئه ومثله، مع مساحة يتحرّك فيها، تجعله مقبولاً ومحترماً دائماً.
فقد عاصرت الجيل الأول من البرلمانيين الوطنيين لعقود عدة، ولم أرَ منهم يوماً ما أصبحنا نراه في هذه الأيام من أغلبية سياسيينا، من تلوّن وتقلّب من طرف لآخر، من دون خجل ولا حياء ولا حتى اكتراث!
***
غرّد النائب السابق وليد الطبطبائي تغريدة هذا نصها:
الكل يعلم في أي عهد شطبت عضويتي أنا وجمعان الحربش وبدر الداهوم، وفي أي عهد تعرضنا فيه للسجن والتهجير والظلم، وفي أي عهد تم حرماننا من الانتخاب والترشيح، وفي أي عهد أصلاً صدر قانون المسيء، البعض يظن أن ذاكرة الشعب مثل ذاكرة السمكة، لا، فنحن نتجاوز لكن لا ننسى!
***
لا نختلف مع الأخ وليد فيما ذكر، لكن هل كان هو وغيره بكل تلك البراءة، ولم يقترفوا خطأً أو ذنباً يخالف القوانين؟ أو أن كل ما حدث بحقهم كان ظلماً من الألف إلى الياء؟ وهل تناسى الطبطبائي خطبه النارية وتهديداته العنترية، وتحذيراته للسلطة؟
نترك الإجابة لمن يملك فكراً محايداً وعقلاً راجحاً.
نعم الكل يعلم أن أموراً كثيرة حدثت في العهد السابق، وهذا من طبائع الأمور، فمن يتولون أمور البشر هم بشر أيضاً، وخطاؤون. ونود تذكير النائب السابق الطبطبائي بأن القضية التي يتحدث عنها، والتي دفعته لترك البلاد، خوفاً من حكم السجن الذي صدر بحقه، صدر من محاكم صاحب العهد نفسه، الذي أصدر عفواً خاصاً عنه، مما مكنه من العودة للوطن، للمشاركة في عزاء والدته!
كما قام الطبطبائي، فور عودته للبلاد، بـ«التشرف» بمقابلة صاحب العهد، ليقبّل أنفه وخديه، ويبالغ في شكره ويكرره مرات عدة، علماً بأنه لم يكن مجبراً على إظهار كل ذلك الود والمحبة المبالغ فيهما، وينساهما، ويقوم مؤخراً، من خلال تغريدات، بتوجيه كل ذلك النقد والاتهام لصاحب الفضل عليه، بعد وفاته!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw