التأمين والخيارات الصعبة
من الأمور الصعبة جداً في الحياة اتخاذ القرار الصحيح من بين خيارات مصيرية عدة، خاصة إذا تعلق الأمر بمستقبل من نحب أو بمصيرهم، واقتصاد الدولة، كحال السياسيين والقادة، وما نواجهه يومياً، مع النفس ومع الآخر، وإن بمستويات متفاوتة جداً. فما هو الأفضل بين خيارات العيش، أن نغنم من لذات الحياة، لأنها قصيرة، ونغرف منها ما نشاء، من دون اكتراث بما يحمله الغد من مخاطر، أم نتحوط، ونحرم أنفسنا من أمور عدة، لكي نأمن غدر الزمان؟ هل نصرف ما في الجيب، من دون حساب، لأن ليس في طبع الليالي الأمان، أم نحتفظ بالقرش الأبيض لليوم الأسود، وأيضاً لأن ليس في طبع الليالي الأمان؟
لو استعرضنا حياة الملايين، بعد مماتهم، لوجدنا أن نصفهم انطبقت عليه الحالة الأولى، والنصف الآخر الحالة الثانية. فمن ادخر أمواله، وقل صرفه، عاش محروماً، وربما مات مليونيراً! ومن اتخذ القرار الآخر وعاش ليومه، متمتعاً بماله، ربما مات ذليلاً مفلساً بعدها. وبالتالي لا توجد نظريات أو أساليب متفق عليها في كيفية الموازنة بين الطريقتين، فغالباً ما نواجه هذه المعضلة بعد أن نكون قد كبرنا، وأصبح تغيير الطبع عملية صعبة جداً.
* * *
تستخدم شركات التأمين على الحياة أدوات لحساب متوسط العمر المتوقع لشخص ما، بناء على مجموعة من العوامل، بما في ذلك العمر والجنس. تعرف أيضاً باسم «جداول الوفيات»، حيث تساعد المعلومات الموجودة في هذه الجداول شركات التأمين على تحديد أقساط التأمين. يوضح جدول الوفيات ومعدل الوفيات في أي عمر معين، بناء على عدد الوفيات التي تحدث لكل ألف فرد في هذا العمر. ومتوسط العمر المتوقع هو تقدير إحصائي لمتوسط عدد السنوات التي من المتوقع أن يعيشها شخص ما، بناء على البيانات الاكتوارية. فإذا قمنا بشراء بوليصة تأمين على الحياة، ونحن في مقتبل العمر، فإن التكلفة ستكون أقل بسبب ارتفاع متوسط العمر المتوقع، وبالتالي تواجه شركة التأمين مخاطر أقل في دفع تعويضات الوفاة. وهناك العديد من العوامل التي تؤثر على متوسط العمر المتوقع (أو العمر الاكتواري)، ومن أهمها تاريخ الميلاد والجنس، إضافة إلى الصحة الشخصية، والتاريخ الطبي للوالدين والجدين، وعادات التدخين والشراب، ومخاطر الوظيفة أو العمل، ودرجة ممارسة الرياضة، وغير ذلك.
من المهم ملاحظة أن متوسط العمر المتوقع ارتفع كثيراً في السنوات المئتين الأخيرة، خاصة في الدول النامية. فالأعلى هو من نصيب موناكو بـ87 عاماً، وبعدها هونغ كونغ 85 عاماً، واليابان 84، والولايات المتحدة للمرأة 79.1 عاماً، وللرجل 76.1، لكنه انخفض مؤخرا إلى 73 عاماً بسبب ارتفاع وفيات المخدرات وحوادث الطرق والقتل، ووباء كوفيد.
أما في الكويت، فيبلغ متوسط العمر للمرأة أكثر من 81، وللرجل 77، وقد يكون الأعلى بين الدول العربية.
* * *
مؤسف ما نراه في الطريقة اللامبالية والخالية من المسؤولية، التي يتعامل فيها مجلس الأمة مع أموال التأمينات الاجتماعية، وكأن الدولة زائلة غداً، فقط لإرضاء بعض الناخبين، على حساب المصلحة العامة.
أحمد الصراف