التحدي الديني والتربوي
قال زياد نجيم، وهو إعلامي لبناني معروف، في مقابلة مع قناة otv في 14 أكتوبر ان الكثيرين منا يستخدمون مختلف أساليب الحديث لتجنب الاعتراف بحقائق الأمور في مجتمعاتنا.
فثقافتنا، الشرقية العربية اللبنانية، سمّها ما تشاء، مبنية على أمر مفرد وهو الإنكار denial. فنحن مثلا نرفض أن نقول «إسرائيل»، ونصر على «فلسطين المحتلة»! ربما لاعتقادنا أن هذه التسمية ستعيد فلسطين للفلسطينيين. كما نرفض الاعتراف بأن هناك مشكلة بين المسلمين والمسيحيين، ونصرّ على أننا أخوة، وكل بضع سنوات تنشب الحرب بين الطرفين ويذهب ضحيتها الآلاف. كما نرفض الاعتراف بأن هناك مشكلة بين الرجل والمرأة، ونصرّ على مثالية العائلة اللبنانية، أو غيرها! وبالتالي فإن ثقافتنا الشرقية مبنية على الكذب والانكار، حيث ننكر ونكرر ان المشكلة دائما من ومع إسرائيل، وأننا نحن العرب ممتازون ومسالمون و«بنجنن» ولسنا طائفيين ولا مذهبيين، واننا ليبراليون ونؤمن بتداول السلطة بشكل سلمي، وزعماؤنا لا يبقون في الحكم أكثر مما يجب، وكل مشاكلنا هي مع إسرائيل! وقال انه يفكر لو حدث مثلا في يوم ما أن قامت إيران أو أميركا أو لبنان أو حتى حزب الله بالقضاء على إسرائيل فلمن سنوجه سبابنا، وعلى من نضع اللوم في كل مشاكلنا؟
ما ذكره زياد نجيم يعتبر ظاهرة عامة في الدول العربية، والاسلامية عموما، فميلنا للمجاملة، ومحاولتنا عدم تكدير خاطر الطرف الآخر بمصارحته بما نشعر به تجاهه وتجاه آرائه، تجنبا لجرح مشاعره، تقودنا لأن نصبح، مع الوقت، ودون أن نشعر، كذبة محترفين. اضافة الى ذلك تدفعنا الكثير من الضغوط الاجتماعية، ومتطلبات المجاملة، لأن نصرح بغير ما نضمر، فلا شك أن عدد الصائمين مثلا في رمضان يبدو كبيرا، ولكن الحقيقة قد تكون غير ذلك، فلو تواجد بعض هؤلاء «الصائمين» في مجتمعات اكثر تسامحا لما اضطروا للادعاء بالصيام! والامر ذاته ينسحب على امور كثيرة اخرى، والغريب حقا ان الكثير من رجال الدين يميلون لتأييد مثل هذا الكذب بالقول انه لا بأس لو قام الصبي أو من هو أكبر منه بادعاء الصيام أو الصلاة من خلال الحركات فقط، فسيأتي وقت يصلون فيه ويصومون بطريقة سليمة!
قد يكون هذا صحيحا في الجانب التعبدي من الأمر، ولكن آثاره السلبية تكمن في الخوف من اعتياد هؤلاء على الكذب واستمرائه! وانظروا حولكم تروا الكثير من الأمثلة!
وهنا يكمن التحدي التربوي الذي لا يود أحد التصدي له من خلال المناهج الدراسية.