7 كيلو البرقع
كلما نظرت إلى امرأة أفغانية وهي تتدثر بذلك الكيس الثقيل المائل للزرقة المسمى بالبرقع، والذي يغطيها تماما دون ابراز أي سنتيمتر منها، تاركا لها ما يشبه الشباك الكثيف عند وجهها، اشعر بانقباض شديد وبالرغبة في أن امد يدي وانتزع ذلك الرداء لأجعلها تنطلق ضاحكة مسرورة حرة مثل بقية البشر، ولكني أتردد خوفا مما سيحدث لها او ردة فعلها، هل ستفرح ام ستبكي صارخة مطالبة بردائها الذي لم تعرف بيتا غيره، ام انها ستتكور على نفسها منتحبة تلوم حظها السيئ الذي خلقها امرأة في عالم مليء بالظلم والكآبة، ام يا ترى ستسقط على وجهها عند أول خطوة لانها لم تعتد السير في الطرقات وهي في غير ذلك السجن الازرق الذي يلفها والذي بغيره لا تعرف السير بين الرجال!
يقول احد المصادر ان النقاب الحالي عرفته افغانستان في عهد الشاه حبيب الله (1910-1901)، الذي فرضه على «حريمه» المائتين، لكي يبعد عنهن نظرات الرجال. ويعتبر البرقع تاريخيا لباس نساء قبائل الباشتون الشديدة المراس والتخلف، التي تنتشر في باكستان وافغانستان. وعندما خلف الملك أمان الله سلفه في الحكم حاول القضاء على البرقع وتحديث افغانستان، ولكن القبائل عارضت اصلاحاته واجبرته في 1929 على التنازل عن العرش واللجوء للهند، ولكنه ترك وراءه، وبالذات في العاصمة والمدن الرئيسية، اصلاحات وتغييرات واضحة، واصبح مألوفا رؤية النساء من غير برقع، وخاصة في المدن الرئيسية في عهد ظافر شاه، آخر ملوك افغانستان، وايضا خلال فترة حكم السوفيت. ولكن ما ان سيطرت حركة طالبان على الاوضاع، بعد انسحاب السوفيت، حتى قامت بفرض لبس البرقع على جميع النساء والفتيات، وقد وضعت شروطه بحيث يكون مصنوعا من اقمشة بالغة السماكة، حيث يزن البرقع في المتوسط سبعة كيلوغرامات، كما ان طوله الاضافي صمم بحيث يمنع مرتدياته من الجري، وبذلك تكون قدراتهن اضعف بكثير. وتصف منظمة «روا»، وهي اختصار للجمعية الثورية لنساء افغانستان، البرقع بانه ليس لباسا او حجابا بل هو سجن يجعل مرتديته تشعر بالحرارة الدائمة والانعزال التام عن العالم المحيط بها، مما يجعل من الصعب عليها تمييز من يكونون حولها، وخاصة من النساء. كما صممت شبكته التي تغطي الوجه من خيوط بالغة السمك تجعل من الصعب على المرأة توسيع فتحاتها، إن رغبت في ذلك، وبالتالي تصبح الرؤية من خلالها مجهدة للعين وتأثيرها على المدى الطويل سلبي جدا على قوة النظر.
وتفرض حركة طالبان، التي لها الكثير من المؤيدين بيننا، على النساء والفتيات، صغيرات أو بالغات، الامتناع عن أداء الكثير من الأنشطة والحرمان من العمل والحق في التعلم او التواجد في الطريق لأي سبب من غير «ذكر محرم». كما لا يحق لها تلقي العلاج إلا في مستشفيات محددة بعيدة عادة وتفتقد الماء والكهرباء وحتى غرف عمليات نصف مجهزة! وعادة لا يقوم غير الرجال بممارسة الطب في أفغانستان، ومناطق طالبان بالذات، ولا يسمح لهؤلاء بالطبع بالكشف على النساء او تقديم العلاج لهن بأي حال من الأحوال.
ومن المناظر المألوفة جدا رؤية النساء جالسات في صندوق الأمتعة الخلفي لسيارات الأجرة، حتى في كابول العاصمة، فهن لا يغامرن، أو لا يسمح لهن بالركوب في المقاعد الأمامية والخلفية مع الرجال.
موضوع معاناة المرأة في أفغانستان طويل ومؤلم ونتمنى ممن عينوا أنفسهم سفراء للحركة في الكويت دحض هذه الحقائق وتكذيب ما ورد في هذا المقال!