طقت جبودنا (*)
استنكر عدد من النواب القبض على مرشح سابق لانتخابات الدائرة الرابعة (مساعد القريفة)، على خلفية ما صدر منه من تصريحات في ندوة انتخابية، إذ أكدوا رفضهم لإجراءات وزارة الداخلية، وطالبوا بسرعة الإفراج عنه انتصارا لدولة المؤسسات والقانون.
من هؤلاء النواب سعود العصفور، الذي غرد محتجا، ومحمد هايف وغيرهما، وهذا يكفي لمعرفة الاتجاه الفكري للقريفة، فمن تصدى للدفاع عنه هم، في غالبيتهم، من على شاكلته، وسنقف معهم في مقالنا هذا لأننا مع الحريات، وضد تكميم الأفواه، ومحاسبة كل مخالف طبقا للقانون، أما هم فإنهم، غالبا، ما يحتجون ويستنكرون، ويرغون ويزبدون فقط عندما يتعلق الأمر بصاحب لهم. فمحمد هايف مثلا كان ضد قيام وزير الشباب والرياضة بإحالة البيدان للنيابة، لأنه عضو في حكومة تصريف أعمال، ولا يجوز له ذلك! لكنه نفس محمد هايف لم يتردد في مطالبة وزير آخر، في نفس حكومة تصريف الأعمال، بإحالة أستاذ جامعي للتحقيق، لما صدر منه من كلام اعتبره مسيئاً!!
تدعي جهات عدة، ومنها مصادر القبس الموثوقة غالبا، أن المرشح السابق تعرض لاعتقال تعسفي، على الرغم من أنه معلوم العنوان ولا يشكل وجوده خطرا على الدولة، وغير متوقع هروبه منها.
وبالتالي فان تصرف «الداخلية» غير مبرر، وعليها التأكد من سلامة الإجراءات التي استعملت مع القريفة، خاصة أنه لم يقل أحد انه استدعي للتحقيق لكنه رفض المثول أمام جهات التحقيق. وبالتالي، فإن تطبيق القانون لا يعني التعسف في استخدام الحق.
كما تساءل النائب محمد جوهر حياة عن مبرر إلقاء القبض على ناشط سياسي، واعتقاله وحبسه في أمن الدولة ليلاً؟ ولماذا لم يستدع بطريقة حضارية، والإصرار على إهانة كرامات المطلوبين في قضايا لا تتسم لا بالخطورة الجنائية ولا المجتمعية؟
أما الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني بوزارة الداخلية، فقد أصدرت بيانا نفت فيه ما ادعاه النواب، وأن الأمور تمت ضمن الأطر القانونية، تنفيذاً للقرار الصادر من النيابة العامة، وأن الجهات الأمنية المعنية بضبط وإحضار أحد المواطنين، عملت وفق الأطر القانونية السليمة!
من الصعب، حتى ساعة كتابة هذا المقال، التيقن من صحة الخبر، لكن من المهم التأكيد أن «الداخلية» لها سوابق في هذا الشأن، وكنت يوما طرفا في هذا الموضوع: حيث تم إعلامي وأنا خارج الكويت، بأن حال وصولي على الاتجاه من فوري لإدارة أمن الدولة للتحقيق معي في قضية أمن دولة. واحتراما لسني ومكانتي، فإن قوات الأمن في المطار لن تقوم بدخول الطائرة، كالمعتاد، ووضع الأصفاد في يدي، واقتيادي لأمن الدولة!!
شكرتهم في حينها على حسن تعاملهم معي، ونتمنى استمراره، فأنا وغيري من مواطنين صالحين، الذين لا تشوب سيرتهم شائبة، لا نشكل خطرا على نظام الدولة، ولن نشكل هذا الخطر يوما، مع حقيقة عدم وجود ما يكفي من سنوات في عمرنا لكي نتمرد فيه على النظم والقوانين.
الكويت من الدول التي وضعت توقيعها على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي تحرم بنوده استخدام أي تعسف ضد اي فرد، إن لم تستدع الظروف الأمنية ذلك، وعلينا احترام توقيعنا على هذا الإعلان العظيم. فاليوم دور القريفة وغدا قد يأتي دورنا، وهذا ما لا نتمناه لأحد.
هذا ليس دفاعا عن القريفة، ولا عن كل من يتعدون الحدود ويتجاوزون القانون في الإساءة للغير - إن ثبت صحة ذلك - خاصة إن كانوا محل تقدير واحترام الكل، بلا استثناء. ولكننا فقط ضد إجراءات القبض والاستدعاء، ونتمنى على «الداخلية» اعادة تأكيد التزامها اتباع الإجراءات السليمة، فقد «طقت جبودنا» من مخالفة الأعراف، والنظم، سواء من القريفة، أو من طريقة إلقاء القبض عليه.
* * *
* عنوان المقال يعني بالكويتية؛ انفجرت أكبادنا.
أحمد الصراف