رمزية «تغريدة صالح عاشور» والسلف

نال مقال «تغريدة صالح عاشور» تفاعلا غير مسبوق من مختلف شرائح المجتمع، لم ينله مقال من قبل بخلاف «اخرجوا أيها المسيحيون من أوطاننا»، الذي اعتبر أكثر مقال نال انتشارا في تاريخ الصحافة العربية، ولست في موقع تأكيد أو نفي ذلك.

عاب النائب السابق عاشور في تغريدته على الليبراليين والعلمانيين سكوتهم عن حل مجلس الأمة، وأنهم أصحاب شعارات، وليسوا أصحاب مبادئ وقيم (!)

لا أدري لِمَ حمّل عاشور بضعة آلاف من الشعب الكويتي هذه المسؤولية، ورفعها عن كاهل بقية الأمة؟ ومن الذي أخبره ان الليبراليين والعلمانيين، غير راضين عما حصل؟ ولماذا لم يوجه سهام غضبه للجماعات السلفية ولتيار الإخوان المسلمين، ولكل الذين أصدروا بيانات مؤيدة، من دون تحفظ، للإجراءات السامية، التي طال انتظارها؟
* * *
بسبب ملاحظة أبداها صديق إعلامي عن سبب كل هذا التفاعل مع المقال، وأخرى أبداها «حاقد معقد»، سخر فيها من تنويه القبس، على الصفحة الأولى، على مقال «عاشور»، متناسيا أن التنويه شبه عرف في القبس، وتكرر عدة مرات، معي ومع غيري!

لذا تطلب الأمر إعادة الكتابة عن مقال الخميس، وتوضيح سبب كل هذا التفاعل الطاغي معه، علما بأن المقال لم يكن برأيي، مميزا، لكن الكثيرون رأوا فيه خلاف ذلك تماما، وعبروا عنه في الكم غير المسبوق من الاتصالات ورسائل التأييد، التي مثلت استفتاءً على صحة قرارات الحل، ومن جهة أخرى رأوا في موقفي من تغريدة النائب السابق «صالح عاشور» اختزالا لكل الصور غير المقبولة لبعض نواب المجلس المنحل، الذين تسببوا في إشعال الساحة بتطرف مواقفهم وسخيف تصريحاتهم وخطير تهديداتهم باستجواب وزراء، حتى قبل تعيينهم، وحتى قبل أدائهم للقسم أمام الأمير، وقبل تشكيل الحكومة!
* * *
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا نجحت تلك العينة من النواب السابقين، بالتحديد، على تلك النسبة العالية من الأصوات؟ ولماذا اعتقدوا أن النجاح في الانتخابات يأتي عن طريق رفع السقف، والتطرف في انتقاد الحكومة، ولو من خلال الأسرة؟

الجواب عن السؤالين واضح، بنظري، ويكمن في عاملين: ضعف الإنجاز الحكومي، على الأقل خلال السنوات القليلة الماضية، وهذا أعطى من يهاجمها قوة انتخابية. وثانيا سطوة وسيطرة التيار الديني، المدعوم غالبا من الحكومة، على قطاعات كبيرة من الشعب، فكان عامل تهدئة متى ما أرادت ذلك، وعامل تخريب وتطرف متى ما ناسبها ذلك. علما بأن تلك السطوة والقوة، المتمثلة في قدرة الأحزاب الدينية على تحريك الشارع، كانتا دوما مدعومتين من جهات معروفة، وأحيانا برعاية شبه رسمية، وكأن هذه الجهات ترعى وتتبنى من بإمكانه تحريك الشارع بالاتجاه الذي ترغبه، واستمرار ذلك يعني قدرتها على ابتزاز الحكومة متى شاءت، والحل يكمن في القضاء على بؤر الغلو والتشدد، وبناء دولة مدنية، لا تدفع شعبها للهرب للخارج، بحثا عن نسائم الحرية، ودفع النصف الآخر للتطرف وإلقاء النفس للتهلكة. فمن غير المعقول أن نبقى، بالرغم من صغر حجمنا، الحاضنة الوحيدة للأحزاب الدينية، التي نبذتها كل دول العالم، تقريبا.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top