التسريب كويتي.. والشراء وطني
بيّن تسريب اختبارات مادة «الدين الإسلامي» لطلبة نهائي الثانوي، أي الطلبة الذين سيلتحقون بالجامعة بعدها، أمور غريبة عدة. فما الداعي لتدريس مادة الدين لاثنتي عشرة سنة كاملة؟ أليس الدين «دين الفطرة»؟ أليس جزءاً من حياة المواطن المسلم، منذ ولادته، يتشربه مع حليب أمه؟
لا شك أن هناك خطأ أو سراً ما لكي يعتقد موجهو التربية والتعليم أن هذه المادة بحاجة لكل هذه السنوات من الدراسة. فكيف يمكن تبرير وجهة نظر هؤلاء بحاجة الطالب لاثني عشر عاماً من دراسة الدين، وفي النهاية يبحث عمن يغششه، ويتبرع والده بدفع المال لشراء الأسئلة له، وهي المادة التي يفترض أنها علمته، طوال 12 عاماً، الأمانة والأخلاق واتباع الطريق القويم، أو هكذا يفترض، حسب فهم التربويين؟
من الضروري دراسة تكرار ظاهرة الغش، في هذه المادة بالذات، ووقف تدريسها بعد مرحلة المتوسطة، فعدم فهم الطالب لها، حتى تلك المرحلة، يعني أنه لن يفهمها ابداً، وهي مشكلة تتطلب تفكيراً خارج الصندوق. فالمادة ليست نظريات رياضية وقواعد فيزياء صعبة، إلا إذا كانت قد «حُشيت» بكم هائل من القصص والافتراضات الصعبة، التي ليس من السهل حفظها.
يهدف تدريس الدين، كما يقول واضعو المناهج، لتعليم الأخلاق، أو هكذا يفترض، لكننا رأينا كيف أننا فشلنا في ذلك، بعد 12 عاماً من تدريس المادة، وهذا دليل ليس على فشل الطالب ووزارة التربية وواضعي المناهج، بل وفشل فلسفة التعليم برمتها، ودليل على أن تكثيف تدريس مادة لا يعني حبها أو إتقانها، علما بأن جريمة تسريب أسئلة الاختبارات، الأخيرة، ليست الأولى ولا الأكبر فقد سبقتها جرائم أكبر بكثير، شملت عشرات آلاف الطلبة، غضت سلطات التعليم، ومجلس الوزراء، النظر عنها، ولم تتم معاقبة إلا بعض من تم الاستدلال عليهم، فتكّون شبه انطباع بأن الجدية في معالجة هذا الأمر غير متوافرة.
كما أن هناك إجماعاً، شبه تام، على أن قوى الإخوان المسلمين قد أحكمت، منذ عقود عدة، سيطرتها على كل مفاصل وزارة التربية وعلى العملية التعليمية ككل. ولم يحصل ذلك خفية، بل بعلم كل وزراء التربية، ورؤساء الحكومات السابقين، واليوم نحصد «بركات» تحكم الإخوان، وإلى حد ما السلف، في وزارة بتلك الخطورة، فهل آن أوان التخلص منهم؟
وجود عشرات آلاف الآباء والأبناء، الذين على استعداد لبذل المال الغالي لشراء أسئلة الاختبارات، حتى لو كانت تتعلق بالغش في مادة ترتبط بصميم العقيدة، تعني أن الخراب أعمق من تسرب أسئلة ووجود مشترين لها، ودليل على أن نظرتهم للدين كعبادات وواجبات لا علاقة لها بالأخلاق، وهي المادة التي يجب أن تدرّس أكثر من غيرها.
* * *
كشفت سلطات دولة عربية قيام فتاة بتقديم الامتحان عن صديقة لها، لأن الصديقة قررت أداء فريضة الحج!
هذه حادثة تبين قمة التناقض، المنتشر بين قطاعات واسعة من شعوبنا.. الغلبانة!
أحمد الصراف