الإمارات وتقرير هينلي

صدر في الأسبوع الماضي تقرير «هينلي» عن «هجرة الثروات الخاصة»، لعام 2024، وبيّن أموراً عجيبة، فتحرّك ثروات كبار المليارديرية يحظى باهتمام المراقبين، ويعبّر عن اتجاهات الاقتصاد، ونمو الدول، ووضعها الأمني، وغير ذلك من أمور، تطبيقاً للقاعدة الذهبية «رأس المال جبان»، ويبحث دائماً عن الأمان!
يقول التقرير، الذي يحظى بالاحترام عالمياً: «إن بريطانيا ستخسر في 2024 استثمارات 9500 مليونير، وهذا يمثل ضعف من غادروها عام 2023، وأكثر من ثمانية أضعاف عام 2022»!

وتحتل الإمارات المركز الأول في جذب أصحاب الثروة، وسيبلغ نصيبها 6700 مهاجر، بحلول نهاية هذا العام، والأغلبية من بريطانيا وأوروبا. أما الصين، الخاسر الأكبر عالمياً، فستفقد هذا العام 15200 من الأثرياء، مقارنة بـ13800 في 2023، في حين أوقفت الهند هجرة أثريائها، فسيخرج منها 4300 مليونير في 2024، مقارنة بـ5100 العام الماضي. أما كوريا الجنوبية، فمن المتوقع خسارتها لـ1200 مليونير، مقارنة بـ800 في عام 2023، في حين يبدو أن تسونامي المليونيرات، الذين فروا من روسيا بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، بدأ ينحسر مع توقع انتقال 1000 فقط هذا العام (مقارنة بـ8500 عام 2022، و2800 عام 2023).

يقول مدير في henley & partners، إن عام 2024 يتشكل ليكون لحظة فاصلة في الهجرة العالمية للثروات، فمن المتوقع أن ينتقل عدد غير مسبوق من المليونيرات في جميع أنحاء العالم هذا العام، وهو 128 ألف مليونير، متجاوزاً الرقم القياسي السابق، البالغ 120 ألف مليونير، المسجل في عام 2023، في ظل عالم يتصارع ويواجه عاصفة من التوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين الاقتصادي، والاضطرابات الاجتماعية، وتعد هجرة المليونيرات الكبيرة هذه مؤشراً رئيسياً، يشير إلى تحوّل عميق في المشهد العالمي، واتجاه الثروة والسلطة، مع آثار بعيدة المدى على المسار المستقبلي للأمم، التي يتركونها وراءهم، أو تلك التي يصنعونها، بعد أن أصبحت منزلهم الجديد، وتظل دولة الإمارات مركز جذب المليونيرات الرائد في العالم، حتى الآن، وذلك بفضل إعفائها من ضريبة الدخل، والتأشيرات الذهبية، وأسلوب الحياة الفاخر، والموقع الإستراتيجي، وهذا مكّنها من ترسيخ مكانتها، باعتبارها الوجهة الأولى في العالم لأصحاب الملايين المهاجرين، وعدد من يهاجر إليها سيبلغ ضعف من جذبتهم أمريكا من أوروبا والهند والصين وكوريا وروسيا، خاصة بعد أن طورت وحسنت الإمارات النظام البيئي لإدارة الثروات فيها، وخلق إطاراً تنظيمياً قوياً يوفر للأثرياء مجموعة من الحلول المبتكرة لحماية ثرواتهم والحفاظ عليها وتعزيزها.

وأتت سنغافورة، التي لا تزيد مساحتها على 650 كم2 فقط، في المرتبة الثالثة في جذب الاستثمارات، بعد الإمارات وأمريكا بـ3500 مليونير، ثم بعدها أتت كندا وأستراليا وإيطاليا وسويسرا واليونان والبرتغال واليابان بـ400 مهاجر ثري.

فوائد هجرة الثروات والمواهب إلى بلدان المقصد هذه كبيرة وواسعة النطاق. يعد أصحاب الملايين المهاجرون مصدراً حيوياً لعائدات النقد الأجنبي، لأنهم يميلون إلى جلب أموالهم معهم عندما ينتقلون إلى بلد ما. كما أن حوالي %20 منهم هم من رواد الأعمال ومؤسسي الشركات، الذين قد ينشئون أعمالاً جديدة، وبالتالي يخلقون وظائف محلية في بلدهم الجديد، وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من %60 بين أصحاب الملايين والمليارديرات.

وفي انقلاب للحظوظ، يكشف التقرير أيضاً أن إسرائيل خرجت من قائمة التدفقات الأولى للمرة الأولى. ويمثل هذا تحولاً كبيراً، حيث تم تصنيف إسرائيل من بينها.

يقول شركاء إسرائيل: «يؤكد هذا التحول الزلزالي مدى السرعة، التي يمكن بها للصراع أن يؤدي إلى تقويض جاذبية بلد ما لدى أثرياء العالم والمنتقلين عالمياً. إن الحرب المستمرة لم تحطّم صورة إسرائيل كملاذ آمن فحسب، بل هددت أيضاً بإلقاء ظلالها على إنجازاتها الاقتصادية».

تدهور مكانة بريطانيا، التي كانت الأفضل في العالم لقرن، الانحسار بدأ من قبل عشر سنوات، التراجع منذ حوالي عقد من الزمن، حيث بدأ المزيد من أصحاب الملايين في مغادرة البلاد ودخل عدد أقل. والجدير بالذكر أنه خلال فترة الستة أعوام، من عام 2017 إلى عام 2023، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فقدت المملكة المتحدة ما مجموعه 16500 مليونير بسبب الهجرة. وتعد التقديرات المؤقتة لعام 2024 أكثر إثارة للقلق، مع توقع تدفق صافٍ وهائل لنحو 9500 مليونير لهذا العام وحده.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top