المطير.. واستنكارات «شيخ الكتّاب»

بين متسائل ومستنكر وناصح، اتصل بي ثلاثة أصدقاء أعزاء، على فترات متقطعة، يتساءلون عن سبب إصراري على الكتابة عن البعض، ممن يرون أنفسهم «شخصيات عامة»، وملاحقة ما يصدر عنهم، ونصحوا بعدم إعطاء هؤلاء اهتماماً، قد لا يستحقونه في الغالب. فشكراً لهم، وردّي بسيط ومقتبس من رد كتبه يوماً الصديق والزميل عبداللطيف الدعيج، «شيخ الكُتّاب»، عندما اتصل به مسؤول حكومي متنفّذ، معاتباً نقده المستمر لأدائه، فردّ: «اقعد في بيتك.. وشرهتك على الذي يكتب عنك»! أي، أجلس في بيتك، ولن نأتي على ذكرك!
وبالتالي طالما أن الإنسان يتولى مسؤولية ما، ويجري المقابلات، ويدلي بالتصريحات، ويتبرّع بالتنبؤات، ويحذّر من وقوع حروب، ويحدد تواريخها، ولا يصدق في وعوده، ويعرّض مصالح الدولة للخطر، فقد عرّض نفسه، والمؤسسات التي يدعي، للنقد. ومن مهام كُتّاب المقالات كشف المدعين، وفضح أكاذيبهم، فتركها قد يحولها إلى حقائق.

قمت قبل أيام بإرسال رسالة x، تضمنت تذكيراً بما حدث من جدال، هادئ من طرف سمو ولي العهد، عندما كان رئيساً للوزراء، وعنيف من النائب السابق محمد المطير، عندما كان زعيماً غير متوَّج للمعارضة. وقام خصوم النائب السابق من سياسيين وغيرهم، بتشويه سمعته والتشفي منه، فدفع هذا الزميل عبداللطيف الدعيج لنشر مقال، بعنوان «دفاعاً عن سمو ولي العهد وعن محمد المطير»، استدرك في بدايته قائلاً: إنه «لا يواطن (المطير) نائب رئيس مجلس الأمة السابق، ولا أمثاله بعيشة الله. وأن من ساروا مع نهجه أو أيّدوه قد حولوا مجلس الأمة إلى مؤسسة خاوية وفاضية وعبء على البلد، لكنه معني باستنكار حملة رآها متواصلة ضد السيد النائب المطير، وصفها بالطفولية والظالمة، وخارج أطر التنافس السياسي السليم، وأن الحملة هي الأسلوب نفسه وذاته الذي استخدمه المطير ومن معه ضد من اختلفوا معه، وأن ذلك دليل على عجز، وتعبير عن غياب رؤى سليمة وطروحات ناضجة تعرّي الخصم وتكشف زيفه، وأن ذلك الخصام تضمّن نوعاً من الغلو، ومصادرة لحرية التعبير وحرية الفكر وحرية اختيار المواقف السياسية بشكل عام، فمن حق النائب المطير، مثلما هو حق لغيره، أن ينتقد وزيراً أو رئيس وزراء. ولن يكون مذنباً بعد أن أصبح ذلك الشخص وزيراً أو رئيساً للوزراء أو ولياً للعهد أو غير ذلك. وذكّر الزميل الدعيج بموقفه من سياسات الأمير الراحل صباح الأحمد، وكيف أنه انتقده بقسوة وشدة، عندما كان رئيساً للحكومة، لكن عندما أصبح الشيخ صباح أميراً للبلاد التزم، مثل غيره، بعدم التعرّض لذاته المصونة بحكم الدستور. وأن محمد المطير استخدم حقه الدستوري في مناقشة ومعارضة رئيس الحكومة، أما الذين استخدموا التسجيلات السابقة لمهاجمته، بغرض اتهامه بالإساءة إلى سمو ولي العهد الحالي الشيخ صباح الخالد، فإنهم في الواقع هم من أساء ويسيء إلى سمو ولي العهد باستذكار المساجلات والردود السياسية، التي اضطر لاستخدامها سموه في الرد على النائب المطير.
* * *
أتفق جزئياً مع وجهة نظر الزميل الدعيج، وسبق أن أرسلت تغريدة، حاولت فيها التذكير بالطريقة التي عامل فيها النائب السابق المطير سمو ولي العهد، عندما كان رئيساً للوزراء.

ولا أعتقد أن المثال، الذي ذكره الزميل عبداللطيف، من موقفه من الشيخ صباح الأحمد، قبل أن يصبح أميراً، يقارن بموقف المطير من الشيخ صباح الخالد، قبل أن يصبح ولياً للعهد. فالزميل الدعيج كاتب له مكانته، لكنه ليس مشرّعاً. وكتاباته، على أهميتها، لم تشكّل يوماً خطراً على كيان الدولة واستقرارها، مثلما شكلت مواقف النائب المطير وتشدده من خطر، بسبب ما أتيح له من أدوات لتخريب التجربة الديموقراطية، وإيقاف عجلة التنمية، ودفع الأمور للهاوية، مع احتمال العودة لسابق عهده وطريقته، إن أتيح الأمر له، ثانية! وبالتالي يتطلب الأمر تعريته، أمام ناخبيه، وكشف نوعية مواقفه وبيان المآخذ عليه. وليس في الأمر، من ناحيتي على الأقل، تشفٍّ أو حقد، ولا أكتب دفاعاً عن تغريدتي، ولا –حتماً– دفاعاً عن الخصوم السياسيين لمحمد المطير، ولست أحدهم، ولكن أكتب لأبيّن ما أعتقد أنه يمثل الحقيقة!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top