الحريق بدأ.. والنار ستحرقنا جميعاً

تعود بدايات تأسيس الاتحادات الطلابية إلى ما قبل ستين عاماً، وشاركتُ في أول انتخاباتها، وحصلت على المركز الأول، ممثلاً للمدرسة الثانوية التجارية، تركتُ الاتحاد تالياً بسبب ما شاهدته من عبث، يبدو أنه مستمر حتى اليوم!

بالرغم من مرور 60 عاماً على بداية تأسيس هذه الاتحادات، فإن أياً منها لم يحصل على اعتراف الدولة، ومع هذا حضر كل وزراء التربية تقريباً، وأعلى منهم، أغلبية مؤتمرات وفعاليات هذه الاتحادات الطلابية، كما كان للحكومة دائماً دور في الصرف عليها، ولم تخضع تلك الأموال يوماً لأية رقابة، لعدم شرعية تلك الكيانات. كما كان كل مسؤولي التربية يترددون ـ وبعضهم يهابون ـ من الاقتراب من هذه الاتحادات، لصلات أعضائها القوية بالكثير من أعضاء مجلس الأمة، وسيطرة مجاميع دينية سياسية وقبيلة على أغلبيتها، مع وجود طائفي بسيط على الأطراف!
***
كبرت هذه الاتحادات، وأصبحت مؤخراً تشكّل خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الداخلي للدولة، ويتم ذلك بعلم كل مسؤولي التعليم العالي والجامعة والتطبيقي، وربما بمباركتهم. كما تعلم أن بيد هذه الاتحادات تحريك مجاميع الطلاب، خصوصاً في قضايا الحضور والغياب الجماعي، عن طريق «الواتس أب».

قام م. حمود العنزي، وهو شخص مستنير ومستقل بآرائه، وعضو المجلس البلدي السابق، كونه أمين عام «جمعية النزاهة الوطنية»، بجهود مكثفة لكشف كم «الخمال والمخالفات»، الذي يجري في الجسم الطلابي، وقام من أجل ذلك بإجراء مقابلات عدة، محذراً ومنذراً من خطورتها، خصوصاً ما يجري هذه الأيام من تحضيرات للانتخابات الطلابية القريبة المقبلة، وتأثيرها السلبي الشديد الخطورة على المجتمع، وكيف ان هناك مبالغ ضخمة يتم ضخها في هذه الاتحادات، وأغلبيتها مجهولة المصدر، هدفها تمويل الصراعات القبلية داخل الجامعة والتطبيقي. ويعتقد أن للإخوان المسلمين دوراً في ما يجري من نشاط محموم!

إن الحكومة مطالبة بالتحرّك السريع لوضع حد لهذه النار، وليس للشرارة، التي بدأت بحرق الكثير، ووقف هذا الاستقطاب القبلي، من جهات لا تتمتع بأدنى إحساس بالمسؤولية، لأنها أساساً غير شرعية.

إن كل تحركات هذه الاتحادات تصب في منع ترسيخ قيم المواطنة ومنع مكافحة الفساد، وبالتالي يجب إصدار القرارات الوزارية التي تمنع وجودها، والسعي لخلق اتحادات بديلة، تكون أكثر وطنية، وأقل طائفية وقبلية، مع تجريم الانتخابات الفرعية فيها، فقد أصبحت أنشطة وعمل اللجان الانتخابات، داخل الكويت وخارجها، وعناوين إعلاناتها التي تحمل أسماء القبائل، ناهيك عن رفع أعلامها وأناشيدها، مصدر قلق وهلع لأصحاب الضمائر الوطنية الحية، من كل هذا التجاوز على القوانين، والتأثير السلبي على الوحدة الوطنية، خصوصاً تلك التي تعرض خدمات طلابية عن طريق لجانها «القبلية»، بعلم وأمام بصر كل مسؤولي التعليم العالي.

نعيد ونكرر إن ما تصرفه الاتحادات الطلابية من أموال على سفر أعضائها ومؤتمراتها ولجانها، وما يصرف على الانتخابات الفرعية، يتطلب الملايين، فما هو مصدر هذه الأموال، ومن يراقب طريقة صرفها.

ويعتقد المهندس حمود أن كل قائمة في الولايات المتحدة الامريكية، مثلاً، تدفع قرابة 200 ألف دينار كويتي تكلفة الانتخابات، وتشمل سفر الناخبين وحجز فنادق وغير ذلك، حيث تتولى القبائل الحشد، وتتولى القوائم التمويل المالي، من خلال العلاقات السياسية للقوائم الطلابية. وللإخوان، كما يرى، أكبر دور في عملية تمويل الانتخابات الطلابية وتأجيج الصراعات القبيلة.
***
إن حل هذا الوضع الخطير موجود ومعروف، وما تم مع مجلس الأمة يمكن أن يتبع مع هذه الاتحادات.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top