طواويس قومنا
لا يمل المسلم، خاصة في الغرب، من دعوة غيره للإسلام، أو التحسّر على تأخره في اللحاق به إلى جنة الخلد، ويصبح الأمر أكثر إلحاحاً متى ما كان غير المسلم شخصية شهيرة، حتى لو كان مطرباً أو لاعب كرة قدم من الدرجة الثانية، ولا تأتي هذه الدعوة للالتحاق بالدين إلا للشعور المتعاظم عند الداعي بأنه نموذج يحتذى، ولو كان قمة في الجهل، وجبلاً من السذاجة، فلا شيء في بلادنا يجعل مثل هؤلاء الدعاة نموذجاً يحتذى، خاصة أن تصرفاتهم اليومية لا تدل أبداً على أنهم تلقوا يوماً تربية جيدة، أو تعليماً مميزاً، ولا شيء غير ما يظهرونه من تدين، وما ينطقون به من ألفاظ مكررة ومعروفة، وما يرتدونه من «أردية»، ويعتقدون أنها بمجملها تشكل جواز مرور لقلوب وعقول من يسمعونهم، وتجعل لهم مكانة ما أينما تواجدوا، وكل هذا يخلق لديهم شعوراً زائفاً بالرفعة، يمنعهم من رؤية حقيقة وضعهم المزيف والبائس، وأنهم في الحقيقة عالة على العلم والعالم، وهذا الشعور، كما بيّنه كاتب صديق، يحرمه من الغضب والتمرد الضروري على وضعه، ويمنعه من تطوير ذاته والخلاص من تخلفه.
عندما ينتقل هؤلاء للعيش في بلاد الغير، وخاصة الغرب، التي يصفونها ببلاد الكفار، فإنهم يسعون جاهدين للتمتع بكامل خيرات تلك الدول، ويسعون في الوقت نفسه، بيقين وثبات وإصرار بات، إلى التهرب من دفع ما عليهم من ضرائب. كما لا يترددون في اللجوء إلى أخس السبل والحيل للحصول على مساعدات الدولة المالية، ومسانداتها الطبية والاجتماعية، من اختصاصيين وغيرهم، ولا ينسون المطالبة بكل أجورهم حسب قوانين الحد الأدنى، وإن كان لهم عمل جانبي، فإنهم غالباً ما يوظفون من يعملون لديهم بصورة غير قانونية، وبلا ضمان اجتماعي، ولا يعطونهم الحد الأدنى من الأجر. كما يقوم بعضهم، كما نرى حتى في الكويت، وربما في دول خليجية أخرى، بتطليق زوجته، صورياً، لتحصل على المعونة من الحكومة، وربما شقة من بلدية المنطقة، ولا يترددون في عقد زواجهم عليها سرّاً، وهناك دائماً من على استعداد ليشهد لهم، شرعاً، بصحة الزواج. ثم ينفش أمثال هؤلاء البشر ريشهم، كالطواويس المختالة، لأنهم يرون أنفسهم «أكثر نظافة وطهارة» من أتباع العقائد الأخرى!
تصرفات بعض الجاليات الإسلامية في الدول الغربية، من واقع تجارب شخصية تمتد لسنوات، مزعجة ومثيرة لألم الأغلبية المسالمة، ويتصرفون بطريقة مثيرة للشجون، وتتسبب في كراهية المجتمعات لهم، وهذا طبعاً ينطبق على جاليات أخرى، لا تقل شرراً وسوءاً عنهم، لكن هؤلاء لم يدعوا يوماً أنهم أفضل من غيرهم.
كما أن الأقليات الإسلامية في الدول الغربية لا تلقى الاهتمام الكافي من المؤسسات الدينية المعتدلة في دولنا، بل تُركت لرجال الدين المتطرفين هناك، الذين أضلوا الكثيرين منها، وفرقوها إلى شيع وأحزاب، وكل هم قادتها أو أئمتها الحصول على المال والنفوذ، من خلال دور العبادة التي يسيطرون عليها، ولا يبدو أن أمور هذه الجاليات سيصبح أفضل، في القريب العاجل، إلا عندما تشعر بأن وجودها برمته معرّض للخطر، وهذا أمر متوقع حدوثه قريباً.
أحمد الصراف