متعة استفزاز الصديق

من الأمور الغريبة عند البعض شعورهم بالسعادة عند استفزازهم لمشاعر الغير، وتجاهل كونهم أصدقاء تاريخيين، ومضايقتهم في عقيدتهم والسخرية من ظروفهم.. عمداً!
ورد في إعلان صارخ بثته جمعية «خيرية»، يقول مقدمها: «شارك في شراء كنيسة وتحويلها إلى مسجد بـ10 دنانير فقط.. لا تفوتك الفرصة.. الأجر ناطرك». وأصبحت هذه الظاهرة تلقى قبولاً في مجتمعاتنا، واستغلالاً من بعض المشرفين على الجمعيات الخيرية، التي تقوم بين الفترة والأخرى، بنشر إعلانات وإرسال فيديوهات ورسائل صوتية مماثلة، تطلب من المواطنين والمقيمين التبرع، ولو بمبلغ عشرة دنانير، لشراء معبد أو كنيسة وتحويله لمسجد (أكرر، شراء معبد أو كنيسة وتحويله لمسجد)، وكأن في ذلك انتصاراً على الآخر وسحقاً لعقيدته، ويصاحب ذلك نشر أرقام تبيّن المبلغ المستهدف، أو المطلوب جمعه للمشروع، ووضع عداد تصاعدي يبين ما تم جمعه حتى لحظة ما، وفي آخر محاولة من هذا النوع، وجدت أن المبلغ المستهدف متواضعاً، ولن يكفي، من واقع خبرتي، لشراء كنيسة على أربعة شوارع وتحويلها لمسجد، مع كل ما يتطلبه ذلك من تكاليف مواد وتنفيذ وإشراف، ورسوم بلدية وغيرها، هذا بخلاف ما سيتعرض له مبلغ التبرع من استقطاع بنسبة تقارب الـ12 بالمئة، تكون من نصيب القائمين على جمع المال للمشروع داخل الكويت، ونسبة أكبر قليلاً منها للجمعية أو من سيتلقون المبلغ خارج الكويت، والتي تمثل أيضاً حصتهم من مبلغ التبرع.

تأكدت شكوكي المتعلقة بتواضع المبلغ المستهدف، فما أن تم الانتهاء من جمع المبلغ بالكامل، قامت الجمعية بنشر بشرى نجاح الحملة، ودشَّنت حملة جمع تبرعات جديدة، وهذه المرة لتغطية تكلفة تحويل الكنيسة لمسجد، علماً بأن شعار الحملة الأولى كان جمع مبلغ لشراء كنيسة وتحويلها لمسجد.
* * *
إن مساوئ مثل هذه الأنشطة أكبر بكثير من فوائدها، فهدفها الأول، كما تعلمنا من تجاربنا، هو الالتفاف على التشدد الرقابي لوزارة الشؤون، وتحقيق دخل للجمعية وللقائمين عليها. كما أن المشروع نفسه، الذي يقع تحت سمع وبصر الحكومة، وحصل غالباً على موافقة رسمية، له دائماً آثار سلبية، داخلياً وخارجياً، ووسيلة إثراء، وتتضمن إساءة لمشاعر مواطني المجتمعات، الذين تم شراء المبنى منهم، وتحويله لغرض معاكس تماماً لما كان عليه، وبالتالي من المحتم أن يصبح ضرره كبيراً، خاصة إذا كان الطرف الآخر شعب دولة صديقة، طالما لبت النداء وتدخلت بكل قوة وإخلاص لمساعدتنا.

نطالب المخلصين في الحكومة، والأخت الفاضلة وزيرة الشؤون، التدخل ووقف هذه المهازل المسيئة والخطيرة لسمعة الكويت، فمن يرد بناء مسجد في دولة خارجية، وأوروبية بالذات، فما عليه غير شراء أرض وبناء المسجد عليها، وتجنب شراء بيوت عبادة الغير، وإثارة أهالي المنطقة علينا، والتسبب في خلق بغضاء وحزازات لا داعي لها.


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top